أزمة لبنان والخليج… اجراءات أكثر قساوة

نوفمبر 16, 2021

A-

A+

ظن الشعب اللبناني أن سيناريو وزير الخارجية اللبنانية السابق شربل وهبي صاحب التصريحات المتسرعة قد انتهى. فإذ، عبر إطلالة عبر برنامج “برلمان الشعب” وإجابةً عن سؤال حول الحرب في اليمن، أطلق وزير الإعلام الجديد جورج قرداحي مواقف صاعقة أدخلت لبنان في نفق أزمة دبلوماسية قد تكون نهايته بعيدة وصعبة.

قال الوزير مشيراً إلى الحوثيين: منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات التابعة لتحالف “الشرعية” الذي تقوده المملكة العربية السعودية. إعتبر الأخير أن السعودية والإمارات في موقع إعتداء على اليمن وأن الحوثي وميليشياته في موقع مقاومة ودفاع عن النفس.

اندلعت أزمة على أثر هذه التصريحات فأعلنت السعودية إستدعاء سفيرها في بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة أراضي المملكة في غضون ٤٨ ساعة إضافةً إلى أنها أعلنت وقف الواردات اللبنانية إلى المملكة. وفي سياق متصل، انضمت دول الكويت، البحرين، الإمارات، و وقطر إلى موقف السعودية فشكل وزير الخارجية اللبنانية عبدالله أبو حبيب خلية أزمة بالتنسيق ما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون لكن محاولاتها لتطويق تدهور الأزمة باءت كلها بالفشل بظل إمتناع وزير الإعلام ورفضه القاطع عن الإستقالة بظل وضع سياسي داخلي مشنج.

لا بدا من الإشارة أن جورج قرداحي كان من أبرز مقدمي البرامج في تلفزيون MBC السعودي ولولا هذه الإذاعة، لما كان القرداحي يمتاز بشهرته هذه على صعيد العالم العربي إلا أن القرداحي يشكل وجه محور الممانعة في لبنان كونه من حصة تيار المردة وحزب الله.

حاول حزب الله تصوير الأزمة على أنها حصار من قبل مجلس التعاون الخليجي على الدولة اللبنانية وشعبها. لم تنجح هذه البروباغندا بعد فضائح حزب الله في مجال تهريب المخدرات إلى المملكة لاسيما الكبتاغون إضافةً إلى تورطه في الحرب اليمنية إلى جانب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران.

قد يظن حزب الله وعالمه “المقاوم” الخاص أن هذه الأكاذيب والفبركات لاتزال تمر مرور الكرام.

في تصريح له، قال رئيس تكتل الوفاء للمقاومة النيابية محمد رعد أن “إحدى دول المنطقة تنتقم لهزيمتها من لبنان، بعد تأييدها شعباً اعتدوا عليه طيلة ثماني سنوات. وكان حزب الله ندد في بيان سابق، بما وصفها بالحملة “الظالمة والممنهجة” التي تقودها السعودية والإمارات ومجلس التعاون الخليجي على وزير الإعلام جورج قرداحي، على خلفية مواقفه من حرب اليمن. وأعلن “الحزب” رفضه أي دعوة لإقالة قرداحي أو دفعه للاستقالة، معتبراً هذه الدعوات اعتداء سافراً على لبنان، وفق البيان.

في موقف مماثل، أعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أن قرداحي اقترح عليه تقديم استقالته من الحكومة، لكنه رفض ذلك، علما بأن رؤساء الحكومة السابقين طلبوا أيضا من قرداحي الاستقالة من الحكومة. وأضاف فرنجيه بعد لقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أنه سيدعم قرداحي في القرار الذي سيتخذه.

قد تكون الإتهامات التي اطلقها وزير الاعلام صحيحة وقد تمثل رأي معارض لرأي السعودية إلا أنه لا يجوز لوزير في موقع مسؤلية التهجم على دولة شقيقة تُعتبر أكبر مصدر استثمارات في لبنان.

حاولت جامعة الدول العربية العمل على إيجاد الحلول وعبرت على لسان امينها العام أحمد أبو الغيظ عن اسفها الشديد جراء إندلاع الأزمة وتدهورها بين لبنان والسعودية في وقت كانت تبذل الجهود في تحسين هذه العلاقات.

بدأ القرداحي مرحلة التشاور بغية إتخاذ قراره بالإستقالة بعد إزدياد المطالبات بها وقد تكثفت المساعي الدولية للتهدئة واسطة تمسك أميركي فرنسي ببقاء حكومة نجيب ميقاتي التي كان في الأساس طال انتظارها. لم يستقل القرداحي وها هو الشعب اللبناني يدفع الثمن أكان مغترب أم مقيم.

أما في بعبدا، اكّد رئيس الجمهورية ميشال عون “أنّ العمل جار لمعالجة الوضع الذي نشأ بين لبنان والمملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج، إنطلاقاً من حرص لبنان على إقامة افضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وخصوصاً السعودية ودول الخليج”، وسط مصادر عربية تشير إلى أن ستُتخذ إجراءات عربية بحق لبنان اكثر قساوة من تلك التي اتُخذت حتى اليوم، إن لم يتدارك المسؤولون اللبنانيون الأزمة ومعالجتها بالسرعة المطلوبة، قبل ان تصل الامور الى مراحل متقدّمة يصبح من الصعب التراجع عنها.

لا حل للأزمة الدبلوماسية المستجدة أو للأزمات الأخرى التي يعاني منها لبنان بظل تحكم حزب الله بزمام الأمور في لبنان.

حلمَ الشعب اللبناني بقليل من “الحلحلة” بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فإذ بالوزير قرداحي يُدخِل لبنان بأزمة دبلوماسية مع دول الخليج، فهل من مصائب أسوأ قد تأتي بعد تصريحات القرداحي؟ سؤال لا جواب له إلا بعد الإنتخابات النيابية المقبلة التي ستشدد على أهمية الشعب بتغيير الأكثرية الحاكمة في المجلس النيابي الذي بدوره سيشكل حكومة جديدة قد تكسب ثقة الشعب.