ابتلعنـا هــذا البـحر

ديسمبر 3, 2024

A-

A+

حرب الإسرائيل – حزب الله، زادت من وطأة المعاناة وأثقلت كاهل اللبنانيين الذين سئموا سوء الأحوال الأمنية والمعيشية.

ولكن أن تكون لبنانيا، فهذا يمنحك وسام شرف لتحمّلك العديد من الضغوطات، فضلاً عن إثارتك فضول شعوب المنطقة العربية والعالم ككل، لرغبتهم في معرفة سرّ العزم والصّبر الذي تحمله في قلبك على الرغم من الأزمات والحروب.

ففي الوقت الذي راحت فيه أطراف متآمرة لتشعل النيران في لبنان، سارعت الشعوب العربية إلى إبدائها تضامناً واسع النطاق مع الشعب اللبناني، كلٌّ بحسب أسلوبه على منصة “إكس”.

بيروت: حلم للأجنبي قبل العربي 

قبل عرض مقتضب لسلسلة من العبارات التضامنية نشرها فنانون وسياسيون عرب، لا بد من التوقف عند تغريدة نشرها سفير اليابان السابق في لبنان، تاكيشي أوبوكو.

فعند ظهر السادس عشر من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، غرّد أوكوبو قائلاً: “بيروت حلمي، حمى الله لبنان”، وأرفقها بلوحة تظهر عاصمتنا بشكل جليّ، وتجسد كل تفاصيل الحبّ بدفء ألوان مبانيها وهدوء أزقتها.

أوكوبو الذي ينحدر من دولة تبعد عن بلادنا آلاف الكيلومترات، أنهى مهمته الديبلوماسية في لبنان، إلا أنّ بيروت لم تفارقه، على الرغم من تفوّق اليابان على لبنان ببناها التحتية وتطوّرها التكنولوجي. 

ظلّ السّفير السّابق يكرر: “بيروت، المدينة المعجزة، بأناسها وأبنيتها ومساحتها وسلامها، هي حلمي الأبدي”. 

لبنانُنا ونجومه: غرق في حبّه كثيرون 

خلال إقامتها حفلاً في دبي، دفعت عبارات الفنانة ماجدة الرومي، والتي شددت على أنّ “إرادة الشعب اللبناني، أقوى من كل موت”، إلى قيام الجماهير الغفيرة بالتصفيق بشكل حار، وانتشار المشهد بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعي ونيله ملايين المشاهدات. 

الفنانة اللبنانية، وكعادتها، استطاعت إظهار الصورة الحقيقية للبنان الذي نحبّ، وأطلعت الرأي العام على أن بيروت لن تنهار، وستصمد كما عهدناها في السّابق، وستتحرّر من الطغيان بعد تعزيز دور الجيش الوطني.

المشهد المصور من حفل ماجدة الرومي، لقي إقبالاً واسعاً من الجمهور، فمنهم من أبدى ولاءً للبنان، ومنهم من تأثر وأعرب عن حزنه لما يمرّ به الشعب اللبناني، الذي لطالما لُقّب بأيقونة الشرق الأوسط.

لبناننا: لم يغب عن أي عمل فنّي عربيّ 

بصوتٍ لا يقل روعة عن صوت ماجدة الرومي، أطلّت الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب بمقطع نشرته على صفحتها في منصة “إكس”، يظهر فيه علم لبنان الصامد، مرفقاً بأغنيتها التي أهدتها للشعب اللّبناني في محنته السّابقة عام 2006. 

شيرين دعت جنوب لبنان إلى الصحوة، ومدحت شمس لبنان، مؤكدة أن بيروت في قلب كل مصري، ووجهت تحية لقتلى الحرب الذين راحوا ضحيّة القصف الإسرائيلي الوحشي، والجرحى الذين أبوا أن يستسلموا على الرغم من ضراوة الواقع المرير.

تقول شيرين أنّ قلبها حزين على أكثر بلد علمها معنى الفرحة والصمود، وأضافت أنّ لبنان يتعرض للأذية لأنه من أجمل بلاد العالم. 

لبناننا: خُلق للسلام  

من مصر إلى دولة الإمارات، حيث يتوالى الدعم الرسمي والشعبي للبنان. ففي تغريدة للسياسي الإماراتي، أنور قرقاش، أكد فيها على موقف أبو ظبي الداعم لبيروت، ومواصلة تقديم كل ما يحتاج إليه لبنان من دعم.

وأعرب قرقاش عن أمله في أن يتجاوز لبنان تلك الأيام الثقال بجهود شعبه وأشقائه العرب والمجتمع الدولي، مشدداً على ضرورة تعزيز الدولة اللبنانية ومؤسساتها وضمان التوافق الوطني بين كافة الأطراف اللبنانية. 

لبناننا: حيث لا قبول لثقافة الموت 

أبى اللبنانيون أن يجعلوا أزمتهم الإنسانية تتفاقم، وراعوا صحتهم النفسية بجمعتهم وألفتهم على بعضهم البعض، باستثناء بعض المناوشات الداخلية التي لا تؤخذ بالاعتبار، إذ إنها لم تمسّ بأمن لبنان الداخلي ولم تنشر الحقد بشكل فعلي، ولو كثرت التّوقعات المضللة والتافهة بأن حرباً أهليّة قد تندلع بعد جلاء القوّات الإسرائيليّة عن أرض لبنان. 

ليس عليك أن تكون مغترباً لبنانياً لكي تتعلق بلبنان، وتتضامن معه من الخارج خلال خوضه أشرس المعارك ضد إسرائيل، يكفي أن تطّلع على تاريخ شعب هذا البلد، وسياق الأحداث التي مرّ بها.

كثرٌ يتعجبون اليوم من السبب الذي يدفع الشعب اللبناني للصمود، وعجز الخبراء والمراقبون عن توضيح ذلك السبب وتفصيله.

وعلى الرغم من غرق لبنان الذي نحبّ بدوامة الحرب والأزمات، فقد ظلت روح اللبنانيّون صامدة وتنبض بالعزم، وواجهت ظروفاً قاهرة، وتحدّت عواصف وضغوطات عدّة، من تفجيرات إلى أزمات ماليّة وانهيارٍ للبنية التّحتيّة.

وأظهر اللبنانيون قدرةً عجيبةً على الصمود والتّصدي لأيّ عدوان، معنوياً كان أم مادياً، واستطاعت كلّ الأزمات أن تثبت مدى صلابة شعب لبنان الذي نُحب ونريد.