المغتربون اللبنانيون: حاولوا إسكاتنا ولكن انتصرنا
يونيو 9, 2022
A-
A+
كتب كارل حداد في خاص نقد:
انتهت “سكرت” الانتخابات ولكن “فكرت” الأزمات لم تنتهي بعد، لا بل على العكس انها تتزايد تماماً مثل أرقام اللذين هاجروا من لبنان خلال السنوات الأخيرة.
لطالما كان لبنان معروفاً بهجرة أبنائه إلى دول العالم ورفع اسمه عالياً أينما حلّ، وشهدت بلاد الأرز موجات من الهجرة الجماعية، الاولى أعقاب الحرب العالمية الأولى مع حلول المجاعة في جبل لبنان، أما الموجة الثانية فكانت مع بداية الحرب اللبنانية عام 1975 واشتداد وطأت عنفها خلال السنوات الـ15. واليوم يمكن التكلم عن موجة ثالثة مع بداية الأزمة اللبنانية أعقاب ثورة 17 تشرين واستفحالها.
نعم، لبنان اليوم يشهد موجة هجرة جماعية ثالثة يتخوّف البعض انه عمل ممنهج لتفريغ البلد من شبابه. فأبناء هذا الوطن لم يعد لديهم حلم سوى الهروب من أزمات هذا البلد اللامتناهية. نعم انه لحلم بسيط، فبعدما سرقوا أموالنا، وقتلوا أحبائنا، وذلونا أمام محطات المحروقات، وعلى أبواب المستشفيات وأمام الأفران، لم يعد هناك حل سوى الهجرة أو ربما انها الرغبة الوحيدة.
ولكن على الرغم من كل المآسي التي حملها هذا البلد تجاه أبنائه، فقد حملوه بقلبهم ولم يتركوه بالروح. نعم! لبنان سافر معهم إلى آخر نقطة من هذا الكوكب، والدليل على ذلك كان من خلال انتخابات المغتربين، حيث أبدوا حماستهم واستعدادهم للإدلاء بأصواتهم والمساهمة في التغيير الذي يحتاجه لبنان.
60% من المغتربين المسجلين قد أدلوا بصوتهم، للإتمام بواجبهم السياسي أولاً والأخلاقي ثانياً، تجاه هذا الوطن الصغير الذي يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى التغيير لكي يخرج من نفق الانهيار، كما يوم الانتخابات في لبنان، فقد وصلت نسبة الحجوزات في الفنادق اللبنانية إلى 60% وذلك نتيجة قدوم أعداد كبيرة من اللبنانيين إلى وطنهم الأم للإدلاء بصوتهم.
ولكن لا بد التطرّق إلى الفئة اللبنانية التي تركت لبنان قبل يوم الانتخابات النيابية ولكن أيضاً بعد فترة تسجيل المغتربين عبر منصة وزارة الخارجية للإدلاء بأصواتهم، فهذه الفئة التي لا بئس بها وبحسب بعض المطلعين قد تصل إلى أكثر من 7000 لبناني قد هاجروا في هذه الفترة قد مُنعوا من الإدلاء بصوتهم.
تقول سارة خ. ان على الرغم من أنها كانت تتطلع إلى مغادرة لبنان بأقرب وقت ممكن وذلك نتيجة عدم قدرتها على تحمّل الأزمات المتتالية ولكن حملت لبنان معها، “هيدا البلد يلي كلو أزمات فيه سحرغريب ما فيك ما تحبو ولا فيك تكرهو”.
“بعد فترة جائحة كورونا، وبعد انفجار بيروت، والإفلاس يلي عم يعيشوا هل بلد، قررنا انا وزوجي انو ما بقى فينا نعيش هون ولا في مستقبل لأولادنا، بس ما تخيلنا انو بس نفلّ هلقد رح يكون في شي معلقنا بهل بلد، لا بخلينا نتركوا ولا هو بيتركنا”، تقول سارة.
وتضيف، “نحن اليوم بكندا، السلطة السياسية الحاكمة يلي ما وفّرت لحظة لتهجرنا من لبنان، قامت بالمستحيل لتمنعنا من انو نصوّت، وعملية حصر انتخابات المغتربين بأعداد المسجلين عبر منصة وزارة الخارجية خلال فترة محددة هي مقصودة وخصوصاً ان الأعداد التي تركت لبنان في هذه الفترة، كبيرة جداً وخصوصاً هنا في كندا”.
وبالعودة إلى نسبة اقتراع المغتربين، والدور الكبير الذي لعبه الاغتراب في هذه العملية الديمقراطية، لفتت الدولية للمعلومات إلى أن عدد الناخبين المسجلين للاقتراع في الخارج في دائرة جبل لبنان الثانية (المتن) بلغ 13,251 ناخباً اقترع منهم 9,812 مقترعاً أي بنسبة 72.25% وهي النسبة الأعلى في الاقتراع في الخارج. العدد الأكبر من أصوات المقترعين نالته لائحة نحو الدولة (تحالف مجتمع مدني ومواطنون ومواطنات في دولة) وبلغ 2,930 صوتاً ونال المرشح على اللائحة جاد غصن 2001 صوتاً ليأتي في المرتبة الثانية في عدد الأصوات التفضيلية بعد ملحم رياشي في لائحة متن الحرية الذي نال 2015 صوتاً.
هذه الأرقام تدل بصورة واضحة، عن مدى تطلع المغتربين إلى إحداث تغيير حقيقي في لبنان، وتغيير هذه الطبقة السياسية التي كانت السبب الأساسي إلى هجرتهم وترك لبنان.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي