من جدة إلى طهران… هل تنفجر في لبنان؟

يوليو 25, 2022

A-

A+

ما كاد يغادر الرئيس الأميركي، جو بايدن، المملكة العربية السعودية حتى بدأت التعليقات والتحليلات السياسية والجيوسياسية. فهذه الزيارة أثارت جدلاً كبيراً في الولايات المتحدة الأميركية بعدما خيمت عليها قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي وبعد تعهد جو بايدن بجعل السعودية “دولة منبوذة” بسبب سجلها الحقوقي بحسب قوله في حملته الإنتخابية.

إختتم الرئيس الأميركي أول جولة شرق أوسطية له مغادراً مدينة جدة السعودية مؤكداً في بيان أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتخلى عن الشرق الأوسط، المنطقة الساخنة والمليئة بالصراعات. في هذه الجولة، كان بايدن قد زار إسرائيل، وبعدها زار السعودية حيث اجتمع برؤساء وقادة دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى مصر، المملكة الهاشمية الأردنية والعراق.

لا بد من الإشارة إلى أن عشية زيارة بايدن للسعودية، قررت السعودية فتح اجواءها أمام جميع الخطوط الجوية الأمر الذي رحب به بايدن وإسرائيل وقد اعتبرت الدولة العبرية أنها خطوة جدية لتطوير العلاقة بين الدولتين على طريق إتفاقية سلام تطمح لها إسرائيل مع المملك،  وقد وصل بايدن بطائرة مباشرة من إسرائيل إلى السعودية. في إسرائيل، أكد بايدن دعم الولايات المتحدة الكامل لتل أبيب في الدفاع عن نفسها وعن مواردها وأمنها.

أما في فلسطين، لم تحظ زيارة بايدن للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالترحيب المتوقع كون البعض اعتبرها مجرد زيارة بروتوكولية لا تحمل معنى سياسي أو حل للمأساة الفلسطينية ولوم البعض الأخر بعدم إكتراث واشنطن بملف حقوق الإنسان والصحافة خاصةً بعد مقتل الصحفية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقله.

السعودية وثقل الملفات

في السعودية، وحيث ثقل الملفات الأكبر، مواضيع عدة طُرحت في القمة وتحديداً مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين حكوميين آخرين ومن هذه المواضيع: تعبئة مكان روسيا في مجال الطاقة بعد حرب أوكرانيا حيث تعاني الأسواق العالمية وخاصةً أوروبا من نقص حاد جراء الإجراءت الروسية بهذا الشأن، الموضوع الثاني والأبرز هو إيران ومشروعها النووي الذي يشكل خطر على منطقة الخليج العربي، مضيق هرمز والملاحة البحرية، إضافةً إلى ملف الميليشيات الممولة من إيران كحزب الله في لبنان، الحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن. ثالثاً، ملف التطبيع والسلام مع إسرائيل بغية التوصل لتحالف إقليمي قوي بوجه الجمهورية الإسلامية في إيران وترسيخ حل جذري للأزمات الفلسطينية الإسرائلية وملف الإرهاب في المنطقة العربية. رابعاً، ملف حقوق الإنسان في المملكة.

دعا بايدن المملكة والمنتجين الخليجيين الآخرين إلى زيادة إنتاج النفط للمساعدة في استقرار الأسعار، التي قفزت نتيجة انتعاش قوي في الاستهلاك من أدنى مستوياته التي بلغها بسبب جائحة فيروس كورونا والعقوبات على روسيا في الوقت الراهن. ويُنظر إلى السعودية والإمارات على أنهما الدولتان الوحيدتان في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) اللتان تتمتعان بقدرة احتياطية لدعم شحنات النفط العالمية، الأمر الذي قد يخفض الأسعار. لكن تعليقات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبايدن على هامش قمة مجموعة السبع والتقطتها كاميرات رويترز أشارت إلى أن الدولتين الخليجيتين بالكاد تستطيعان زيادة الإنتاج. وقال بايدن الشهر الماضي إنه لن يضغط بشكل مباشر على السعودية لزيادة إنتاج النفط خلال زيارته.

في ختام هذه الزيارة، وفي بيان مشترك أكد الطرفان السعودي والأميركي أهمية عدم حصول إيران على السلاح النووي كما تعهدا باستقرار أسواق الطاقة العالمية. وأشارت مصادر إعلامية سعودية إلى أن الطرفين وقعا على نحو 18 اتفاقية في مجالات الطاقة والاستثمار.

في لبنان، اتجهت الأنظار إلى هذه الجولة الأميركية في حين إعتبر البعض أن ملف ترسيم الحدود مازال على الطاولة بعد عدم التوصل إلى حل نهائي كما كان يطمح له الوسيط الأميركي آموس هكستين، في حين أن الجولة أثارت الجدل أيضاً كون هذه الظروف الإقليمية الصعبة لا تريح حزب الله، إذ قد نشهد تصعيد على الصعيدين العسكري والسياسي من حزب الله ومن الأطراف المناهضة له.

وعقب الزيارة الأميركية للمنطقة، وبعد أيامٌ قليلة، اتجهت الأنظار إلى قمة طهران الحالية التي تضم الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب الطيب اردوغان في قمة تعقد في ظرف إقليمي يعتبر من الأدق في تاريخ المنطقة. وقد أتت هذه القمة للرد على القمة الخليجية وللتصدي للولايات المتحدة الأميركية في مشروعها واستراتيجيتها في الشرق الأوسط ولموجهات العقوبات الأميركية التي تطال روسيا وإيران بالمباشر.

أخيراً، يكمن الحل في الإنتظار والمراقبة عن كثب للسياسات العالمية والاقليمية مع إقتراب إستحقاق دستوري في لبنان وهو إنتخاب رئيس للجمهورية في تشرين الأول القادم.