عودة المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية… المساومة خيار الدولة؟

فبراير 7, 2022

A-

A+

تترقب الساحة اللبنانية عودة الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل “اموس هوكشتاين”، الى بيروت في قابل الايام، آتياً من تل ابيب، لمتابعة ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الاسرائلية. وفي حين ينتظر لبنان ما في جعبة الوسيط الأميركي من “اقتراحات” بعد لقائه وزيرة الطاقة الاسرائيلية، يتخوف اللبنانيون من التفريط بحق لبنان، خصوصاً مع وجود المرسوم ٦٤٣٣ وعدم تعديله.
هذا المرسوم يضعف موقف لبنان في المفاوضات، اذ يحوي على :
· رسم لبنان خط حدود منطقته الجنوبيّة من النقطة 18 قرب الشاطئ، وهي نقطة بعيدة عن الشاطئ لمسافة تتعدى عشرات الأمتار (28 م) من غير أيّ مرجع او مرتكز قانوني ما يجعل قانون (18-23) خطاً واهناً لا يرتكز على حجة قانونية تمكن من الدفاع عنه.
· غياب تواقيع وزراء المال والدفاع والخارجية، خلافاً للقانون اللبناني، والاكتفاء بتوقيع وزير الاشغال.
· الخريطة المرفقة بالمرسوم 6433 /2011 لم تظهر حدود لبنان الدولية مع فلسطين المحتلة، وفي ذلك مماشاة لإسرائيل التي تريد التنصل من اتفاقية “بوليه نيوكمب”.
هذا المرسوم الذي جاء لتصحيح الخطأ الأوّل الذي وقع في العام 2007 عندما أرسلت الحكومة اللبنانية وفداً ناقص الأهلية والمؤهّلات القانونية والمهنية الى قبرص للتفاوض على الحدود الغربية الجنوبية للمنطقة الاقتصادية تلك. وكان الخطأ يومها في وضع النقطة (1)، والذي اعتمدته اسرائيل في ما بعد، لترسيم حدودها البحرية الشمالية مع لبنان، الا ان لبنان وبسبب أو آخر لم يوقع الاتفاق النهائي مع قبرص ما جعل الحقّ قابلاً للتصحيح بالتراجع عن الخطأ.
وبعد سنتين، كُلّفت قيادة الجيش بقرار من رئيس الجمهورية بدراسة الملف، لتتوصل لرسم خط جديد لحدود المنطقة الاقتصادية اللبنانية الجنوبية يعدّل الخط السابق وينقل نقطة الزاوية الجنوبية الغربية للمستطيل من النقطة 1 الى النقطة 23 ويعطي لبنان مساحة 863 كلم 2 اضافية عما كانت الاتفاقية مع قبرص تعطيه.
سارع لبنان الى توقيع المرسوم 2011/6433، وأرسله الى الأمانة العامة للأمم المتحدة يعلمها بحدود المنطقة الاقتصادية اللبنانية التي رسمها وفقاً لاتفاقية قانون البحار للعام 1982 التي انضمّ إليها لبنان في العام 1994.
في حين ان لبنان وقبل شهرين من اعداد المرسوم اعلاه 2011/6433، كان قد تسلم دراسة من مكتب بريطاني مختص، بناء على طلب الحكومة اللبنانية رأياً فنياً تقنياً قانونياً حول حدود المنطقة الاقتصادية اللبنانية الجنوبية الخالصة، بينت انّ للبنان الحق بمساحة 2290 كلم 2 اضافية على المساحة التي حدّدت له بمشروع الاتفاقية مع قبرص. وهذا يتوافق مع الدراسة الموسعة التي اجرتها قيادة الجيش اللبناني، في ما بعد، وبالتعاون مع أعرق وأهمّ الخبراء ومكاتب الدراسات الأوروبية وتوصّلت الى نتائج متطابقة مع الخط الموصى به من قبل المكتب الاستشاري البريطاني، الغارق في الأدراج الرسمية اللبنانية منذ آب 2011، عرف بالخط اللبناني 29.

ما جديد ملف ترسيم الحدود ؟

بعد انتقال المفاوضات من المرحلة التقنية الى مرحلة الزيارات الدبلوماسية المكوكية، والتي ستبدأ مع زيارة الوسيط الاميركي “اموس هوكشتاين” الى بيروت، قام لبنان بخطوة متقدمة في “الاتجاه الصحيح” حيث وجه رسالتان: الاولى الى رئيسة مجلس الامن “منى جول” و الثانية الى الامين العام “انطونيو غوتيرش”. الرسالة الى الامين العام تحتوي على طلب بنشر رسالة لبنان التي تعترض على أي عمل استخراجي للعدو في حقل كاريش.
وتعقيبا على الخطوة “المتقدمة”، تساءلت الخبيرة ديانا قيسي “لماذا لم يتم تسمية الخط ٢٩ بوضوح؟”. وتابعت “اذا كان السبب هو ابقاء باب التفاوض مفتوحاً فالجواب ان ذكر الخط ٢٩ وتعديل المرسوم ٦٤٣٣ وارسال نسخة عن المرسوم المعدل الى الامم المتحدة هي اسرع طريقة لإرجاع العدو الى طاولة المفاوضات. الوقت يصبح لمصلحتنا وليس لمصلحتهم.
عدم الالتزام بالخط ٢٩ بوضوح هو مرة ثانية وضع هذا الملف في البزار السياسي. الرسالة جيدة ويجب ان تستتبع فوراً بتعديل”.
اما في اسرائيل فالجدل قائم داخلها حول تخفيض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون او توسيع اعمال التنقيب عن الغاز. في كلتا الحالتين، ترسل السياسات الجديدة رسائل متضاربة إلى المستثمرين، ومن المتوقع حدوث تأخيرات.
ما يعني ان الان هو الوقت الانسب لنفض الغبار عن طاولت المفاوضات، خصوصاً مع عودة طرح الخط ٢٩، لذا يتواجب على المسؤولين اليوم تعديل المرسوم ٦٤٣٣ المودع عند الأمانة العامة للأمم المتحدة المجحف بحق لبنان، كما تعيين رئيس للوفد المفاوض، وتوجيه رسالة الى شركة “انرجين” للتوقف الفوري عن اعمال التنقيب في حقل كاريش، المتنازع عليه. ما يجبر اسرائيل للعودة الى المفاوضات مع لبنان، وعودتها عن اسلوب المماطلة.