ماذا يحصل في “تكساس” الأميركية؟

فبراير 13, 2024

A-

A+

تتخبّط الولايات المتحدة الأميركية في العديد من الأزمات والمستجدات، إن كان على الساحة الدولية، أو ساحة الشرق الأوسط، وحتى في الداخل الأميركي، الذي بدأ يعدّ العدّة للانتخابات الرئاسية المقرّرة في تشرين الثاني 2024. ومن بين الازمات، مشكلة قديمة جديدة تعود الى العلن وتتسبب بموجة من التوتر في البلاد. فأزمة الهجرة على الحدود مع المكسيك وتدفق اللاجئين الى الولايات المتحدة، لا تزال تشكّل معضلة رئيسية للأميركيين، اذ تحوّل معبر إيغل باس في ولاية تكساس إلى مصدر خلاف بين الولاية والحكومة الفيدرالية، وأدّى الى ارباك ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن.

شكّلت مسألة الأسلاك الشائكة التي رفعتها الولاية على طول الحدود مع المكسيك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من الدخول الى الاراضي الأميركية، شرارة الخلاف بين حاكم ولاية تكساس غريغ ابوت والادارة الفدرالية. اذ صوتت المحكمة العليا بأغلبية 5 أصوات مقابل 4 للسماح لعملاء حرس الحدود بإزالة الأسلاك الشائكة التي أنشأها حاكم الولاية، ما أثار سخطه ودفعه الى التمّرد على القرار ورفضه، خصوصا أنه كان قد رفع دعوى سابقاً لوقف عمليات قطع الاسلاك، معتبرا أن بلاده تتعرض للغزو وأن من حق الولاية الدفاع عن نفسها.

وقرّر أبوت نشر دبابات من طراز أبرامز ومركبات قتالية من طراز برادلي لتعزيز حدود تكساس مع المكسيك. كما أنه لم يبقَ وحيداً في المعركة التي يخوضها ضد الحكومة الفيدرالية، فحكام 25 ولاية أميركية أصدروا بياناً أكدوا فيه دعمهم له، وتعهّد حكام 10 ولايات بإرسال قوات من الحرس الوطني من ولاياتهم لدعم “تكساس”، معتبرين أنها معركة من أجل مستقبل الولايات المتحدة كلها.

ومع تصاعد حدّة التوتر، بدأت تثار أجواء تشير الى انفصال “تكساس” عن الولايات المتحدة، الأمر الذي أنذر بتصعيد غير مسبوق وولّد خشية من اندلاع حرب أهلية في أميركا.

وتأتي هذه التطورات، في وقت ينشغل فيه الداخل الأميركي في التحضير للمعركة الرئاسية. فالانتخابات التمهيدية في الحزبين الجمهوري والديمقراطي انطلقت، مع الترجيح بأن يفوز ترامب وبايدن فيها. فالرئيس السابق دونالد ترامب الذي سعى في خلال ولايته الرئاسية الى مواجهة الهجرة غير الشرعية، ووعد ببناء جدار فاصل بين بلده والمكسيك للحدّ منها، دعم “ابن حزبه” الجمهوري حاكم “تكساس”. أما بايدن، فمقاربته لقضية الهجرة مختلفة، فهو كان قد أوقف تمويل الجدار الحدودي لدى تسلّمه السلطة الذي كان ترامب بصدد تشييده، (عاد ليعلن استكمال بناء الجدار لاحقاً)، كما ألغى حالة الطوارئ التي كان قد أعلنها ترامب على الحدود مع المكسيك.

وفي خضم الاحداث والتطورات، ظهرت في الأيام القليلة الماضية جماعة تطلق على نفسها اسم “جيش الله”، وهي منظمة دينية ظهرت أخيراً في “تكساس”، يؤمن أفرادها بأنهم مكلّفون من الله بمهمة حماية أميركا، غالبيتهم من أنصار ترامب، وشعارهم “لنستعيد حدودنا”.

هذه الأزمة بتوقيتها ومضمونها، ستكون مدار جذب للاصوات الاميركية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وسيجهد كل من بايدن وترامب لتوظيف ما سينتج عنها من نتائج لتعزيز حظوظهما والاقتراب أكثر نحو بوابة البيت الأبيض.

تشكّل “تكساس” ثاني ولاية من حيث السكان بعد كاليفورنيا وثاني أكبر الولايات مساحة بعد ألاسكا وتعتبر أكبر منتج للنفط الخام في الولايات المتحدة، وثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي، كما تعد مركزاً لصناعة السيارات والتكنولوجيا. وتبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي لولاية تكساس حوالي 1.7 تريليون دولار، ما يعادل 9.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

وكانت هذه الولاية جزءا من دولة المكسيك، إلى أن أعلنت انفصالها وتأسيس جمهورية تكساس المستقلة سنة 1936. فهل تستغلّ الولاية ذريعة الهجرة غير الشرعية وتستقل عن الولايات؟ أم أن ما يحصل يمكن وضعه في خانة مستلزمات المعركة الرئاسية وستهمد القضية مع اتضاح المشهد الانتخابي أكثر؟