من 14 آذار إلى 17 تشرين: مسيرة نضال تراكمية

مارس 20, 2023

A-

A+

الرابع عشر من آذار العام 2005 والسابع عشر من تشرين العام 2019، ثورتان خطتا بتاريخ لبنان سطرَين ذهبيَين شكّلا نقطة تحوّلٍ وتحوّرٍ في السياسة اللبنانيّة الحديثة، فالأولى نجحت بتقهقر حكم النظام السّوري لبلد الأرز، وأخرى نجحت ولو بعد حين من إنهاء أذيال وأذرع النظام عينه في انتخابات العام 2022.

مما لاشك فيه بإن ما سميَ بثورة الارز وثورة 17 تشرين تشتركان بأحلام الشباب الذي غادر جيل منهم ساحتي الشهداء ورياض الصلح ليحل مكانه جيل آخر يرفع العلم اللبناني وينبذ الاصطفافات ويؤمن بطاقة جديدة تبني الوطن بنفس جديد بعيد عن كل مصالح القوى التقليدية والميليشيات وسلطة الفساد.

تعترضك صعوبة جديّة إذا ما تطرقت إلى 14 آذار 2005 اليوم. هذا الحدث الجماهيري التأسيسي الذي ظلّت تحييه الناس في الساحات مرات ومرات.

لم اكن في 14 آذار، اكتفيت بمشاهدة الحدث على شاشة صغيرة استطاعت ان تنقل لنا صورة كبيرة عن الحرية والغضب والحزن، لكن كنتُ في 17 تشرين،  كان الحدث غير مألوف، غير مألوف أبدا.

عشر نقاطٍ واللائحة تطول، ثورتان محقّتان على فسادٍ استشرى في أروقةِ دولةٍ أنهكها ظلم “المحتلّ” و”الخاطف” ، وانجازات لو استُكملت لكنّا عدنا بوطننا الى عصر سويسرا الشرق عوضًا عن تحويلها لمقبرة أحلام ووطن العجّز مفتقدًا للشباب.

1- المجتمع الدولي تجاوب مع ثورة الأرز وتفاعل مع الحشد الجماهيري الرافع راية السيادة والاستقلال  وتم الضغط  كي يخرج السوري من البلد بعد سنوات من الوصاية.

2- من حيث العدد، كانت 14 اذار اكبر عددياً حيث احتشد مليون لبناني في الساحات، اما في خريف تشرين كانت تراكمياً اضخم وذلك لانها استمرت على فترة اشهر ولم تنحصر بأيام.

3- 17 تشرين كانت عابرة للمناطق والطوائف والاحزاب، منوعة اكثر وشعبية، بالاضافة الى انها أعطت دور اوسع للمرأة اللبنانية فسميت الثورة انثى مراراً كما انها سمحت لمجتمع الميم والفئات المهمشة بان يكون لهم رأيهم وصوتهم وفكرهم السياسي.

4- تمكنت 17  تشرين من ان تكسر قدسية الزعماء وتهز عرش زعامتهم وتستقطب جمهور كبير من مناصريهم وذلك من خلال زيادة الوعي الجماعي والتثقيف المجتمعي حول حقوق هذا الشعب.

5- ثورة 17 تشرين حركة عفوية افتقرت الى القيادة والتنظيم بينما ثورة الأرز كانت تفاعل تكاملي بين قوى سياسية برؤية واحدة واهداف واضحة.

6- ثورة 17 تشرين صوبت على المنظومة الحاكمة بكليتها بصورة اشبه بالانقلاب على الواقع، بينما الاولى بالرغم من شعارتها السيادية التغييرية لم تتجاوز الصيغة القائمة وقامت بنصف انقلاب وتشاركت الحكم لاحقا مع باقي القوى السياسية.

7 – المتظاهرين في 14 اذار اختبروا القمع والنظام البوليسي والتحقيق في مكاتب الاجهزة الامنية كما حصل مع ناشطين وناشطات 17 تشرين الذين حاربوا الكثير من القمع والتخوين والاتهامات، فالجهاز البوليسي لا يزال نفسه.

8 – المحرك الاول لثورة 17 تشرين كان الواقع الاقتصادي الاجتماعي بينما ثورة 14 اذار منطلقاتها سياسية واهدافها كذلك.

9- اكتفت 14 اذار بفرض نفسها داخليا ولم تخلق حركة اغترابية تساهم في صناعة القرار كما فعلت 17 تشرين التي كان لها الفضل في التنسيق والتواصل بين الجاليات في الاغتراب.

10- انتهت ثورة 14 اذار مع خروج السوري من لبنان وعندما دخل زعماء هذه الثورة في التحالفات الرباعية لتقاسم المغانم وتوزيع الحصص اما 17 تشرين انهت جولتها الاولى عند الاستحقاق الانتخابي النيابي معلنة فوز 13 من التغييريين اما جولتها الثانية فلم تبدأ بعد والتي على الارجح ستكون فوضى مدمرة لا يستطيع احد لجمها، وخصوصاً بعد فشل بعض نواب “التغيير”.