بين دولرة الاقتصاد ودولار المغتربين… الحياة تعود إلى بيروت

يوليو 6, 2023

A-

A+

ما أجملها بيروت! ما أجملها مدينة السلام والثقافة والحب، ما أجملها وهي تستعيد حياتها. ما أجمله لبنان وهو يستعيد نبضه بعد أن كان يتلفظ أنفاسه الأخيرة.

لم أتوقع أن أشهد مجدداً شوارع بيروت ممتلئة، فرحة. حيث يبحث الناس في شوارعها عن أي ذكرى جميلة لها وخلق ذكريات أجمل.

في مدينة تدمرت وإنكسرت وقتلت، وعندما فُقِد الأمل منها، قامت من تحت الردم! نسب المهرجنات والفنانين القادمين ليحيووا الحفلات، ونسب المغتربين الوافدين، قد فاقت التوقعات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ما الذي أنتقذها من مأساتها؟ كيف لبلد مرّ بكل تلك الأزمات أن يستعيد عافيته؟

على الرغم من رغبتي للبقاء مدهوشة بجمال بيروت ولبنان، لكن لا أستطيع إلا أن أتساءل، ما السبب لإستعادتهما الحياة الآن؟ هل هذا النهوض فقط موسمي، يترافق مع الأجواء الصيفية؟

من الملاحظ أن بيروت ولبنان بأكمله يستعيد عافيته من خلال دولرة الإقتصاد. فحمل رزمات كبيرة من الليرة لم يعد يجدي نفعاً. الحل الأسهل هو إعتماد عملة ذات قيمة وكان هو الدولار.

الدولرة الشاملة تفرض نفسها واقعاً، أتى هذا الأمر بعدما قررت وزارة الإقتصاد والسياحة إعتماد الأسعار بالدولار، فالمحلات والمؤسسات السياحية سعّرت سلعها وخدماتها بالدولار.

حين يفقد المواطنون ثقتهم بعملتهم وعند طغيان العملة البديلة لا يعود الخيار بينها وبين البديل، بل في كيفية الإنتقال التدريجي للعملة البديلة إليها بهدف نجاحها بأسرع وقت وأقلّ كلفة، ووقف الفوضى في الأسواق وتأمين العدالة في وصول العملة الأجنبية لجميع المواطنين.

هل دولرة الإقتصاد حل جذري للأزمة؟

على الرغم من عدم الإعتراف رسمياً بدولرة الإقتصاد في لبنان، ولكن جميع المؤشرات تدل على الإتجاه في هذا المنحى، فالإقتصاد اللبناني بات مدولراً بأكثر من 80 %، أي أنّ ما يعرف بـ«السيادة النقدية»، لم يعد يتخطى حدود الـ20 %.

تلجئ الدول ذات معدلات تضخم عالية، لإيجاد حل لتثبيت الأسعار والإقتصاد، من خلال الدولرة  لتعطي إنطباع بالإستقرار المالي، من خلال إعتمادها عملة ثابته.

هذا الأمر يزيد حجم التجارة، بسبب خفض كلفة المعاملات أثناء التجارة الدولية، إضافة إلى ضبط الأسعار في البلد ووقف الفوضى.

لكن مشكلة هكذا حل، أنه سيزيد التفاوتات الإقتصادية بين المواطنين بحد كبير. في حين أن موظفوا القطاع الحكومي لازالت رواتبهم بالعملة اللبنانية على عكس أغلب القطاعات الخاصة.

إن إعتماد الدولار في مختلف القطاعات من تجارة وسياحة وطب، ستكون له تداعيات دراماتيكية، مما يعمق الفروقات بين مختلف الطبقات الاجتماعية.

ولأن الحكومة لا تستطيع طبع الدولار لتحفيز الإقتصاد عندما تحتاج، يمكن أن تؤدي الدولرة إلى مزيد من التقلبات المحتملة في نمو الناتج الإقتصادي والبطالة.

غير أنه عند الإعتراف بدولرة الإقتصاد، سيتوجب على البلد جباية الضرائب بالدولار، وهو أمر شبه مستحيل خاصة في بلد مثل لبنان.

أزمتنا المالية معالجتها تبدأ من الشق النقدي وإعتماد سعر الصرف المناسب. لأن البنوك والدول الخارجية لن تقرض لبنان في ظل الفشل والشلل السياسي.