صفقات فضائحية بالملايين لمطار محتّل جديد والمطارت الآمنة مغيّبة
مارس 24, 2023
A-
A+
يكابد المسافرون عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت؛ بفعل الحوادث المتكررة التي إمّا عطّلت او أخّرت رحلاتهم، لا سيما الفترة الاخيرة حيث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي صورة من داخل المطار تظهر زحمة خانقة في طوابير المسافرين من لبنان.
وتتكرر الحوادث “الغريبة” في المطار اللبناني، بدءاً بشكاوى المواطنين من الزحمة غير العادية، إلى انقطاع التيار الكهربائي عنه، مروراً بالمشكلات الإدارية الناتجة من صراعات سياسية على تعيين مراقبين جويين، إضافة إلى شهادات عدة تحدثت عن سرقات من حقائب المسافرين، وصولاً إلى غيرها من الحوادث الأمنية الخطيرة.
ومن أبرز المواقف الخطيرة التي جعلت مطار رفيق الحريري يتصدر صفحات الاخبار والعناوين هو حادثة اطلاق الرصاص العشوائي في محيط المطار، حيث انه نجت طائرة مدنية من كارثة محققة قبل هبوطها في المطار، وذلك إثر اشتباك مسلح بين آل صفوان وآل المقداد، جرى فيه إطلاق نار كثيف في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأشعلت الحادثة مواقع التواصل بحملة “شيلوا المطار من طريق المطار”، أي انقلوا المطار من مكانه، إضافة إلى أصوات نادت بإنشاء مطار آخر في منطقة آمنة.
لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، ففي كل مرة يعيش سكان منطقة محيط المطار فرحاً أو حزناً أو نجاحاً أو إذا ما احتفلوا بقدوم عام جديد، وأحياناً بولادة طفل، يلعلع الرصاص من السلاح المتفلت، فيصيب المطار بطائراته ومدارجه، وما ينتج من ذلك من تعريض حياة المسافرين عبره من لبنانيين وعرب وأجانب للخطر.
ان كل ما يتم تداوله من اخبار عن اللاامن في المطار ما هي الا مؤشر خطير وغير مسبوق لتدهور الأحوال الأمنية والعامة في لبنان.
وتكشف المصادر لوكالة الأنباء المركزية أن كلفة إصلاح طائرة واحدة جراء إصابتها برصاصة تفوق المليون ونصف المليون دولار، كون الأمر لا يقتصر على ”ترقيعة” إنما يستوجب إرسال فريق مهندسين من الشركة الأم للإشراف على عملية إصلاحها خشية حصول أعطال لاحقاً، وأحد أسباب هذه الحوادث هو ظاهرة السلاح المتفلت في لبنان التي تزداد مع التسيب الأمني الحاصل والانهيار المعيشي وانعدام الأمان الاجتماعي.
أعلن وزير الأشغال والنقل العام اللبناني علي حمية، البدء بمشروع بناء مبنى جديد للمسافرين كمشروع تكاملي للمبنى الحالي في مطار رفيق الحريري الدولي.
وقال حمية في كلمة له خلال حفل التدشين في المطار، الإثنين، إن المبنى الجديد للمسافرين يهدف إلى استيعاب 3.5 ملايين مسافر.
وأوضح أن مصدر الاستثمار أجنبي بقيمة 122 مليون دولار وبتشغيل أوروبي، وهو رافد للإيرادات وسيوفر 2500 فرصة عمل، ويستقطب شركات الطيران منخفضة التكلفة والرحلات العارضة والناقلة للحجاج والمعتمرين والزائرين والسياح الموسميين.
وأشار الوزير إلى أنه “وبما أن الوضع المالي للدولة يقف حائلاً أمام أي استثمار جديد لتوسعة وتطوير المطار، كان القرار باستقطاب التمويل والاستثمار من الخارج”.
مشروع توسعة ومشروع صفقات:
وعلى الرغم من أن مشروع توسعة المطار يشكّل حاجة ملحّة للبلد، إلا أن آلية تأمين التمويل الذي اعتمدته وزارة الأشغال لتنفيذ المشروع، أدخلت الملف برمّته في سجالات واسعة، وعرّضته لـ”بازار” سياسي كما كافة المشاريع والملفات في البلد.
فقد لجأت وزارة الاشغال العامة إلى استقطاب تمويل أجنبي، من دون تحميل الخزينة العامة أي أعباء سواء تمويل أو قروض، وذلك عبر إبرام عقد مع الشركة اللبنانية للنقل الجوي (LAT) المكلفة وفقاً لمندرجات العقد بتمويل كامل المشروع. أما لناحية التشغيل، فستتعاون مع شركة dublin airport authority International المملوكة بالكامل لحكومة إيرلندا، والمتخصصة في إنشاء وإدارة وتشغيل مطارات عالمية حول العالم.
إبرام وزارة الأشغال عقدٍ مع الشركة المذكورة، تم بالتراضي وليس عبر طرح مزايدة عامة، الأمر الذي أثار الشبهات حول احتمال تمرير “صفقة” لحساب الشركة ومن يقف وراءها. ودفع بكُثر إلى اتهام وزارة الأشغال بعدم مراعاة معايير الشفافية في إبرام عقد توسعة المطار.
قرار يغفل المطارات الأخرى:
ان القرار بتوسيع وتطوير المطار وان كان ظاهره يُبَشّر بحل أزمات المطار، الا انه يُعبّر عن اغفال المطارات الاخرى الموجودة في لبنان كمثل مطار الرئيس رينيه معوض (مطار القليعات). والذي يمثل حاجة اقتصادية ومتنفس شعبي ومقصد لسكان منطقة الشمال الذين يستغرق قدومهم الى مطار بيروت حوالي الساعتين. ويعتبر متخصصون أن موقعه أهم من موقع مطار بيروت الدولي لعدم تعرضه للعواصف والتقلبات المناخية التي قد تؤثر في حركته، وكذلك لم تنشأ في محيطه الأبنية التي تعيق حركة الطيران.
لاستثمار مطار القليعات اهمية ضخمة من حيث جدواه الاقتصادية الكبرى على صعيد عكار والشمال ولبنان ومن حيث خلق فرص عمل جديدة لأكثر من ستة آلاف شخص، فضلاً عن تطوير وإنماء منطقة الشمال اقتصادياً.
إن معظم دول العالم لا تعتمد على مطاراتها الرئيسية بل تحرص على إنشاء المزيد من المطارات في مناطق مختلفة من بلادها، ونحن لدينا مطار شبه جاهز في القليعات أثبت جدواه وأهميته، ويمكن أن يخفف من الضغط على مطار بيروت الدولي وأن يساهم بتحقيق الإنماء المتوازن وإنعاش هذه المنطقة المحرومة التي لا تزال تحلم بأن تسمع هدير الطائرات التجارية والمدنية التي تقل زائرين وسائحين إلى ربوع الشمال.
فهل نسمع قريباً بوادر تحقيق هذا المطلب الحيوي؟
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي