بيروت حكت من المرفأ: أعرف وجعكم… أنا أتألم أيضا

أغسطس 23, 2022

A-

A+

سقطت الإهراءات اليوم. كما سقطت أجزاء منها في 4 آب 2022. أمام أعين أهالي الضحايا، وكاميرات الإعلام، أمام البث المباشر ساعة الحارك السنوي الثاني. يمكننا أن نعتبر أن سقوطها نكسة معنوية جديدة للبنانيين المنتظرين التحقيق ولأهالي الضحايا الذين تعبوا من الألم المستمرّ.

لكني عندما رأيت مشهد الإهراءات وهي مشتعلة، أيقنت ماذا ارادت بيروت أن تقول لنا اليوم كما في ذكرى التفجير.

أعادت لنا بيروت في 4 آب 2022 قليلاً من شعورنا في نفس اليوم منذ سنتين، رأينا أمامنا دخان في نفس المكان، غبار من نفس الأبنية وألم لنفس السبب. قالت لنا بيروت بالأمس أن 4 آب ليس ذكرى انتهت، ليس حدثاً حصل منذ سنتين، بل أصبح حياتنا اليومية، وأساس جمعتنا. قالت لنا بيروت أنا ما زلت أتألّم، أحترق، بصمت مرّات، بصراخ مرات، لم يمض يوم لم أبك فيه، لم أشتاق فيه لأولادي الضحايا، لبيوتي المدمّرة لأرصفتي المخلّعة.

تكلّمت بيروت مع أمهات الضحايا، ولو بصمت، تشاركن الألم، والحزن، والشوق، والغضب. تشاركن الذكرى، بكين سوياً، وطالبنّ سويّاً وكأنها بفعلها هذا وقّعت هي أيضاً على العريضة المطالبة بلجنة تقصي حقائق دوليّة.

أفهمت بيروت العالم أن القضية تفجير المرفأ باقية حيّة، لن تقتلها المماطلة ولا المعرقلات الغبية، أفهمت العالم أن الجرح لن يلحم قبل تحقيق العدالة، أفهمت العالم، ويا ليت العالم يفهم.