‘الحزب’ يكبّل يدَي العدالة لا البيطار

يناير 19, 2023

A-

A+

4 آب يوم دموي في تاريخ لبنان، يوم انتهكت فيه اجساد ودماء وارواح الآلاف من البشر في لحظة زمنية غادرة، كانت كفيلة في كسو بلد الـ10452 كم² بوشاح من السواد. لم يفرّق 4 آب بين صغير وكبير، بين فقير وغني، فطال شظايا الانفجار جميع المواطنين، وامتزجت دماء اللبنانيين في شوارع بيروت في مشهد مأساوي مفجع.

لينطلق من بعدها البحث عن العدالة للشهداء والجرحى، في طريق لا بد من القول انه مملوء بالصعوبات والعرقلات، وكيف لحزب الله ان عطل الوصول للعدالة في انفجار مرفأ بيروت.

تاريخ حزب الله مع العدالة

لحزب الله تاريخ حافل بضرب العدالة والقانون ورفض مبدأ احقاق العدالة. إذ عصفت الاغتيالات السياسية قادة 14 آذار بدءاً برفيق الحريري وصولاً لمحمد شطح، والمفارقة الوحيدة في الاغتيالات الكثيرة ان الجميع كان ضد حزب الله. في قضية رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري والمحكمة الخاصة التي أنشأت من اجل القضية اعتبر يومها حسن نصرالله عن المتهمين في إغتيال رفيق الحريري بأنهم قديسين. كما ان “الحزب” رفض ولا يزال، بتسليم المتورط بعملية الاغتيال، سليم عياش، بحسب المحكمة الخاصة، الى الاجهزة القضائية اللبنانية. فتاريخ حزب الله حافل بالتشكيك في القضاء ان كان دولياً او محلياً.

خنجر حزب الله في قضية 4 آب

بدأ مسار البحث عن العدالة في ثالث اكبر انفجار غير نووي مع القاضي فادي صوان الذي باشر بالتحقيقات، الا ان ادّعى على رئيس حكومة تصريف الاعمال انذاك حسان دياب وثلاث وزراء سابقين هم وزير المالية السابق علي حسن خليل ، ووزيري الاشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، هنا طبعاً اثار الادعاء على هؤلاء المسؤولين الجهات السياسية ومن بينها حزب الله بشكل رئيسي والذي اعتبر ان القاضي فادي صوان متحيّز. علماً انه نفسه حسن نصرالله رفض التحقيق الدولي وشدد على اهمية القضاء اللبناني ثم عاد لضرب مصداقية القضاء اللبناني بسبب خوفه من نتيجة التحقيق.

هنا تقدم كل من زعيتر وخليل بمذكرة امام النيابة العامة التمييزية طلباً لنقل الدعوى من القاضي فادي صوان الى قاض اخر، الا ان قررت محكمة التمييز الجزائية نقل ملف التحقيق من القاضي صوان الى قاض اخر، من بعدها تم تعيين القاضي طارق البيطار الذي انكب في الأشهر الخمسة الأولى في دراسة الملف والاستماع الى الشهود كما اصدر اخلاء سبيل بعض الأشخاص. من بعدها دخل القاضي بيطار في مواجهة مع الطبقة السياسية  في تموز من العام 2021 بعد ان طلب رفع الحصانة النيابية عن كل من الوزير السابق نهاد المشنوق بالإضافة الى الوزير السابق غازي زعيتر، ثم في شهر آب أصدر مذكرة احضار بحق رئيس حكومة تصريف الاعمال انذاك حسان دياب، هنا انتقد ايضاً حسن نصرالله القاضي بيطار واتهم التحقيق بانفجار مرفأ بيروت بانه “مسيّس”.

نهاية ايلول عام 2021 كان القاضي بيطار بانتظار البدئ بجلسات استجواب لعدد من المدعى عليهم، لكن الشهر المنتظر تحول الى موعد لتعليق التحقيق في القضية وذلك بعد قيام الوزير السابق نهاد المشنوق برفع دعوى قضائية تطالب باعفاء البيطار الا ان المحكمة رفضت الدعوى ليعود السير بالتحقيقات.

على الرغم من ان التحقيق لم يشمل احد اعضاء حزب الله، صعّد “الحزب” من انتقاداته للمحقق العدلي، بالاضافة إلى الانسحاب من الحكومة ان لم يتم تنحية القاضي بيطار عن قضية انفجار مرفأ بيروت لتقع احداث الطيونة، ويجري البحث حالياً عن قاضي رديف للقاضي بيطار.

الخوف من نتيجة التحقيقات

حزب الله لديه مشكلة مع المسار القضائي ككل، لديه خوف من العدالة، فكيف لتنظيم مسلح ان يسلم بقرار القضاء، فهو نقيض للدولة وللعدالة. حزب الله اتهم القاضي صوان وبيطار بالتسييس والانحياز، وسيتهم اي قاضٍ آخر بالتسييس والانحياز، اما رفضه للتحقيق الدولي فهو تحصيل حاصل. حزب الله لا يريد لا القضاء الدولي ولا القضاء اللبناني، لديه خوف من نتيجة التحقيقات علماً ان التحقيقات لم تتهم اي فرد من هذا التنظيم، وهنا السؤال الاساسي لماذا كل هذا الخوف خوف من التحقيقات واحقاق العدالة والحقيقة؟