الطوفان النفطي لم يحصل: شكوك وتساؤلات حول نتيجة البلوك رقم 9

أكتوبر 17, 2023

A-

A+

انتشرت خيبة الأمل على مواقع التواصل الإجتماعي بعد أن قامت شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية بتاريخ 13/10/2023 بإبلاغ وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول عن توقف الحفر في البئر في بلوك رقم 9 في حقل قانا على عمق 3900 متر تحت قعر البحر، وكل ما استحصلت عليه هو الماء فقط.

فبعد الآمال التي بنيت على انتقال لبنان الى مرحلة جديدة وانتشاله من الأزمات الإقتصادية وتمكينه من استرجاع نفسه من خلال التنفس الإصطناعي النفطي، بإعتبار أن الترسيم الحدودي الذي تم هو الخلاص بحد ذاته، فما هو مصير لبنان بعد هذه الصدمة؟ وهل الأمر يقتصر فقط على بلوك رقم 9؟ أم انه ضغط سياسي أم صفقة مستترة؟

كثرت التساؤلات والشكوك حول ما حصل، مما أثار جدل واسع حول مدى مصداقية هذا الخبر وتزامنه مع التطورات الأمنية والسياسية التي يعيشها لبنان والمنطقة. لا بد لنا من أن نستذكر بعد التصاريح التي أدلى بها بعض السياسيين وعلى رأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، حيث أنه قد سبق وأبدى إيجابيته في 20 أيلول الماضي خلال كلمته بالدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحد، في نيويورك، حول موضوع التنقيب عن النفط والغاز عندما قال “اسمحوا لي أن أسجّل ارتياح لبنان لبدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، ورغبته في لعب دورٍ بنّاءٍ مستقبلاً في مجالات الطاقة في حوض المتوسط”.

ولا ننسى أيضاً وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية عندما أعلن في منتصف آب وصول باخرة التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9. وكيف لنا أن ننسى ما صرح به وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض قبل نحو إسبوعين أنه خلال ثلاثين يوماً قد نصل إلى اكتشاف بترولي في بلوك 9 بالمياه الإقليمية اللبنانية، والأهم من هذا كله هو ما قالته شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية مفاده أن “البئر الاستكشافية ستسمح لنا بتقييم الموارد الهيدروكربونية، وإمكانات الإنتاج في هذه المنطقة”، مما يعكس منحى إيجابي كبير. فهنا يكمن السؤال الغامض، لماذا هذا التحول الجذري بين الأقوال والنتائج التي توصلت اليها الشركة؟

بالعودة الى بلوك رقم 9 وعملية التنقيب فيه، فإن شركة “توتال إنرجيز” قد توقفت عن الحفر على عمق 3900 متر في حين أن التزاماتها لا تسمح لها بتوقف عند هذا العمق بل يجب عليها إستكمال الحفر الى عمق 4400 متر كما هو متفق عليه، والجدير بالذكر أن سرعة اصدار نتائج الحفر لم تكن منطقية، أولاً أن شركة توتال لديها حتى نهاية هذا الشهر ولغاية مطلع أول الشهر القادم لكي تكون أخذت الوقت الكافي للحفر واصدار النتائج التي قد سبق وأن بينتها على أنها إيجابية، ثانياً هل يعقل لخبراء في مجال البترول الغلط في دراساتهم وتحليلاتهم ؟ وعلى فرض أن هذه التحليلات صحيحة لا بد من الإضاءة الى أنه قد سبق وأن وصلت إسرائيل بالعثور على الغاز في البلوك المحاذي، فهل من المعقول أن البلوك رقم 9 يقتصر فقط على 4400 متر؟ وهل مصير بلوك رقم 9 مثل مصير بلوك رقم 4؟ وما مصير العينات التي طالبت بها وزارة الطاقة لإستخراجها من بلوك رقم 9؟

تكثر الشكوك تحديداً أنه حتى هذه اللحظة لم تقوم الشركة أو حتى وزارة الطاقة والمياه اللبنانية بإصدار أي بيان أو حتى إقامة مؤتمر صحفي يوضح فيه ما حصل في هذا البلوك، فلماذا هذا التجاهل المقصود للإجابة على التساؤلات، أم أن لبنان بصدد ضغوط سياسية بظل الأوضاع السائدة؟.

وكما أشارت معلومات خاصة لمنصة نقِد أنه قبل إسبوع من عملية طوفان الأقصى قد طلبت شركة “توتال إنرجيز” بالإستحصال على فيز عمل لـ50 عامل في مجال التنقيب لمساعدتها في الحفر في بلوك رقم 9، وبعد ثلاثة أيام من حدوث العملية تراجعت الشركة عن هذا الأمر مطالبة بعدم إصدار الفيز، فهل لبنان يتحضر لحدث أمني؟

دائماً ما يتعرض لبنان لضغوط أمنية وسياسية عندما يتزعزع الوضع الأمني في الدول المجاورة له، فبعد عملية طوفان الأقصى والحرب الشاعلة بين حركة حماس والعدو الإسرائيلي المستمرة حتى هذه اللحظة كان لا بد من أن يكون لبنان جزء منها تحديداً أن الجبهات دائماً على استعداد بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، فلم يبقى للعدو سوى الضغط على لبنان عن طريق حزب الله وداخل بلوك رقم 9 بإعتبارها أنها اذا قامت باستخدام الضغوطات على الغاز اللبناني سيكون بمثابة وسيلة لإنقاذها، وأيضاً عن طريق إدخال شركة توتال بالعملية، بإعتبار أنه قد تكون الشركة الأميركية هالبيرتون المتعهدة لدى توتال قد أصدرت تعليمات لتوقيف الحفر في بلوك رقم 9 بعد أن تدخل حزب الله بالأحداث على الحدود الجنوبية. سيما وأننا قد مررنا بتجربة مماثلة وتم الضغط على السلطات اللبنانية بمنع شركات التنقيب عن النفط من القدوم الى لبنان قبل أن تتم صفقة الترسيم، فهل يكون ثمن دخول لبنان حرب منعه من أن يصبح دولة نفطية أو حتى من الإستفادة من ثروته النفطية.