60  شاباً لبنانياً يفقدون وظائفهم بسبب المقاطعة

أغسطس 7, 2024

A-

A+

يشهد العالم منذ 7 تشرين زيادة ملحوظة في حملات المقاطعة التي تستهدف المتاجر والشركات العالمية. والتي ينظر إليها على أنها وسيلة للضغط على هذه الشركات لتغيير السياسات والممارسات التي تعتبر غير أخلاقية أو غير مقبولة سياسياً. على الرغم من النوايا الحسنة وراء هذه الحملات، فإن التأثير الحقيقي في سياق السياسة العالمية يبقى مجدوداً أما مخاطرها فتتجلى بأثيرها الكارثي على ارض الواقع.             

الهدف الرئيسي لحركة المقاطعة هو إحداث تغيير في سلوك الشركات العالمية من خلال الضغط الاقتصادي. ومع ذلك، فإن الشركات الكبيرة لديها موارد ضخمة وأسواق متعددة في جميع أنحاء العالم، حتى تتمكن من تحمل الخسائر الناجمة عن المقاطعة في أسواق معينة. على سبيل المثال، يمكن للشركات العالمية مثل “بيبسي ” و “زارا ” ان تعوض خسائرها في سوق معين من الأرباح في سوق آخر.

علاوة على ذلك، تعتمد الشركات العالمية على خطة التوريد الواسعة والمعقدة، مما يجعل من الصعب قياس التأثير الفعلي للمقاطعة على الأرباح ولذلك، فإن التغييرات التي تحاول حملات المقاطعة تحقيقها غالبا ما تكون محدودة وغير ملموسة.

لحركة المقاطعة تأثير ضئيل على السياسة العالمية لكن تأثيرها على الأرض في البلاد التي تطبقها، ملحوظ ومؤذي لرجة كبيرة.

تظهر تقارير وشهادات مع عمال وموظفين لبنانيين أن أكثر من 60 شابا وشابة في لبنان فقدوا وظائفهم حتى الآن نتيجة مقاطعة المتاجر والعلامات العالمية. معظمهم يجدون صعوبة كبيرة في إيجاد وظائف جديدة في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة.

يقول أحمد ج. (20 عاماً) والذي كان يعمل في أحد المقاهي في منطقة الحمرا، إن المقهى استغنى عن خدماته بسبب النقص في المردود في فرعه تحديداً بسبب حملات المقاطعة.

ويتابع: “أنا كنت مع حملات المقاطعة في أول الحرب، لكن لاحقاً شعرت أن الشركات لن تتأثر ولا السياسات، بل من سيتأثر هو نحن الذين نشكل قاعدة الهرم، فنصبح بلا وظائف كما حصل معي وبلا سبيل لتسديد أقساط التعليم. إن الحرب أنهكتنا والمقاطعة أنهكتنا أيضاً، فصرت أعيش خوف الحرب وخوف الفقر وترك الدراسة”.

يعاني لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، ويعتمد الكثير من المواطنين على الوظائف في المحلات التجارية والشركات العالمية كمصدر رئيسي للدخل. عندما تؤدي حركة المقاطعة إلى إغلاق هذه المتاجر وتقلص الأعمال، ينعكس ذلك بشكل مباشر على العمال المحليين الذين يوضعون فجأة تحت الامر الواقع بتوقف مصدر دخلهم الأساسي وربما الوحيد.

تتفاقم هذه المشكلة في لبنان بسبب الضعف الاقتصادي وضعف البنية التحتية التي تعاني منها البلاد. عندما تفقد مجموعات كبيرة من الشباب وظائفهم، يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات البطالة والفقر، مما يضع ضغطاً إضافياً على الاقتصاد المحلي الذي يعاني بالفعل.

تسلط تجربة حملة المقاطعة في لبنان الضوء على التحدي الكبير المتمثل في تحقيق التوازن بين الاهداف السياسية العالمية والمحلية. يسعى النشطاء الى احداث تغيير ايجابي على مستوى السياسة العالمية، لكن الحقيقة هي  ان المجتمعات التي تعاني من ازمات اقتصادية  يمكن ان تدفع الثمن الاكبر.

عند النظر في تنظيم حركة المقاطعة، من المهم تسليط الضوء على كيفية التأثير على كل من الشركات المستهدفة والمجتمع الذي قد يتأثر بشكل مباشر. وينبغي أن تكون هذه الحملات غنية باستراتيجيات دعم للاقتصاد المحلي وإيجاد فرص عمل بديلة للعمال الذين قد يصبحون عاطلين عن العمل.

يتطلب التغيير الحقيقي جهوداً متضافرة على جميع المستويات من الافراد الى الحكومات والمنظمات الدولية لضمان تحقيق الاهداف المرجوة دون التسبب في ضرر غير مقصود للمجتمعات المنهكة اقتصاديا واجتماعيا.