مرضى السرطان يطلبون الحياة على أبواب المستشفيات
يناير 20, 2023
A-
A+
الأزمة الاقتصادية السياسية التي حلّت على اللبنانيين ليست عشوائية، لم تبدأ من عدم. لطالما تدبّر اللبناني أمره دون الحاجة إلى الدولة لتأمين العديد من الأمور الحياتية الأساسية وذلك ما اعتاد عليه حتى ساءت الأوضاع الاقتصادية وارتفع الغطاء عن الفساد والاهمال. مع كلّ ما تمرّ به البلاد، يبقى الموضوع الأهم، الصحّة، في دولة سائبة لم تعرف حتى اليوم كيف تدير شؤون المواطن وتحمي ضروريات العيش ليس الكريم ولكن على الأقلّ العيش.
يعاني أكثر من 28 ألف مريض من السرطان في لبنان، نسبة لإحصائيات منظمة الصحة العالمية الأخيرة في العام 2021 للخمس سنوات السابقة. لا تكفي معاناة المرض، بل على طالبي العلاج أن يبذلوا جهدًا إضافيًا “ليشحدوا ” الدواء.إذ يلجأ مرضى السرطان في لبنان إلى تأمين الدواء من بلدان مجاورة على الأغلب من تركيا، مصر، اليمن وسوريا، لمن استطاع إليها سبيلًا أو لمن تأمّنت معه كلفة شراء العلاج، الذي يتراوح ما بين 800 و3000 دولار أميركي للجرعة الواحدة حسب نوع العلاج، في حين يكتفي غير القادرين منهم إلى المسكنات والتعايش مع المرض.
حيث أنّه في وقت سابق، تراجعت الاعتمادات لوزارة الصحة وقلّص المصرف المركزي اللبناني المبالغ لدعم الدواء من 115 مليون دولار إلى 35 مليون دولار تشمل كل القطاع الصحي بين أدوية السرطان، الأمراض المستعصية ومستلزمات طبية أخرى، فأصبح تأمين علاجات السرطان مستحيلًا وغير مدعومًا رسميّاً.
في برد الشتاء، تحت شمس الصيف، في بلد مظلم، لا حظّ فيه للمريض، يستغيث مرضى السرطان بالاعتصام مطالبين بحق إنساني بسيط لربّما تحصل عليه حتى الحيوانات الأليفة في دولٍ شرعيّة.
المزوّر يجتاح السوق
في بلد الفوضى والإهمال، لا بدّ دائمًا من عوائق، بالرغم من نُدرة الدواء فإنّ ظاهرة الدواء المزوّر طالت علاجات السرطان، حتى أصبحوا في مواجهة الموت البطيء، وتحدّيات تلقي العلاج بسبب صعوبة تأمينه. ارتفع الصوت حديثًا، بعد ظهور آثار جانبية غريبة على أطفال يتلقون العلاج، حيث وُجدت دفعة كبيرة من العلاجات مزوّرة في لبنان واليمن مصدرها الهند، علمًا أنها كانت مؤمنة خصيصًا لمرضى سرطان الدم والعظام من الأطفال. إضافةً إلى ذلك يتم تهريب الدواء أو بيعه في السوق السوداء بأسعار خيالية في ظل غياب الدولة تمامًا. حتى الهبات فإنّها تختفي من دون معرفة الفاعل ومندون تحقيق أو محاولة تأمين وصولها للمرضى، كما حصل الصيف الماضي مع الهبة المقدمة من إحدى المنظمات الأميركية لعدد كبير من العلاجات اذ تبخّرت كمية كبيرة من الدواء لجهة مجهولة.
استيراد بلا رقابة
في محاولة لتأمين الدواء بأكبر كمية ممكنة لتغطية عدد أكبر من متلقي العلاج، تستورد بعض الصيدليات الكبيرة في لبنان أدوية السرطان، دون رقابة من وزارة الصحة، كما أن النسبة التي قد تستفيد من أدوية الوزارة لا تتخطى الـ 70 في المائة من مرضى السرطان حسب تصريح هاني نصّار رئيس جمعية لدعم مرضى السرطان.
تستفيق وزارة الصحة بعد كل فضيحة تنتشر عبر عناوين الصحف، وتبقى إجراءات وزير الصحة تجاه هذه المسألة حبر على ورق. رفع الدعم عن العلاج، وإذا توفّر هذا العلاج فلا رقابة ولا حساب لمزوّري وناهبي الدواء الذين استغلوا هذا الوضع وبات من الصعب ضبط هذه الأمور بسبب اضمحلال الأدوية المدعومة. إلى أيّ حد يمكن أن يُحتمل الوجع، وجع المرض وألم العيش على أمل ملفّق لا أثر له في الأفق، في معاناة وصراع مع مرض خبيث ونظام أخبث يدير دولة لا نجاة فيها لصحيح أو عليل.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي