فرنجية أم الفراغ؟ سؤال سهل الإجابة

فبراير 20, 2023

A-

A+

عشر أصوات تفصل بين سليمان فرنجية ورئاسة الجمهورية. عشر أصوات تقف في وجه وصول محور الممانعة ومؤيديه الى الرئاسة مرّة أخرى. فماذا لو تأمنت هذه الأصوات؟ ماذا لو استطاع هذا الفريق تأمين العدد الكافي للتربع على عرش البلاد مرّة أخرى، فهل يصح عرقلته؟

لننظر الى الأمر من الناحية القانونية الدستورية. فالدستور واضح وصريح. انّ التصويت لرئيس الجمهورية هو حقّ للشعب وواجب لممثليهم. وبالتالي تأمين النصاب في الجلسة هو واجب دستوري من أجل احترام الديمقراطية والتمثيل الشعبي. لكن الحقيقة المرّة في لبنان، انّ هذا التمثيل منقسم الى قسمين مضادتين غير قابلتين للالتقاء توقعنا مرّة فأخرى في العرقلة والفراغ الرئاسي اللامتناهي.

في بلد تعمّه الفوضى والحزازيات السياسية، لا يمكن الاعتياد على الديمقراطية والتمثيل الشعبي السليم. فمن جهة، اكتمال النصاب واجب، ومن جهة أخرى “حماية” البلاد من الوقوع في هاوية أكبر واجب أيضاً ولو كان على حساب مخالفة الدستور والقوانين.

من جهة، التمثيل الشعبي أساسي، ولكن هل يصح القول انّ وصول سليمان فرنجية بـ65 صوتاً هو تمثيلاً شعبياً كافياً؟ هل يستطيع أن يكون رئيساً بدون توتر مستمر وعرقلة لامتناهية في كل ما يتعلّق بأمور البلاد؟

الوصول الى الرئاسة هو فقط الخطوة الاولى، فكيف سيستطيع رئيساً لا يملك عدد أصوات توافقية كافية للتفاهم المبدئي الذي يخرجنا من الأزمة التي تسود لبنان منذ سنوات. هل سنعيد تجربة ميشال عون من جديد؟ هل ستصبح وعود الاصلاحات واحترام الكفاءات لا “الاحتكار الحزبي” هي فقط كلمات نسمع صداها تردد بحسرة في الشوارع على لسن المطالبين بأدنى الحقوق المعيشية؟

فبين التمثيلين المتضادين يأتي رئيس تيار المردة مؤكداً أنّه مع الجميع، ساعيا للالتقاء في المنتصف، واقفا بين الخطين المنعكسين. لا عداوة له مع القوات اللبنانية، ولكنّه أيضاً حليف مقرّب لحزب الله. هو صديق للسعودية، ولكنه أيضاً صديق مقرّب لبشار الأسد. فأين ولاءه فعلاً. لأي لبنان يطمح؟ الوصول للرئاسة باجتماع أصوات الجهتين سهل. ماذا بعد ذلك؟ فلبنان لم يكن يوماً مستقلّ عن السياسات الخارجية. لم يكن يوماً قراره بيده. فسياسة من ستطبق؟ هل سنميل الى محور الممانعة وايران وندخل في خطر ما بين العقوبات والخناق الاقتصادي؟ أم سيكون حليفاً للسعودية في ظل سلاح حزب الله المتفلّت الذي يشكل خطر على الأمن الداخلي للبلاد؟

لكلّ مرشح الحق بالمحاولة. فهل يصح خرق الدستور لمنعه من الوصول والمحاولة؟ لما لا؟ دستورياً، يجب التمسك بالديمقراطية واحترام خيارات الشعب، ولكن هل احترم محور الممانعة وحلفاؤه هذه الديمقراطية عندما خالفت النتائج توقعاتهم؟ فكم من مرّة كانوا من عرقلوا جلسات، وكم من مرّة حكموا على الرئاسة بالفراغ عند أدنى فرصة وصول للسياديين المتمحورين حول 14 أذار؟ فلما لا تصح المعاملة بالمثل وتطبيق الديمقراطية المعاكسة بالعرقلة؟

نحن اليوم أمام منعطف خطر بحاجة الى قيادة سليمة تخرج البلاد من المهوار. العرقلة لم ولن تكن أبداً الحلّ. والفراغ الرئاسي لن يسمح للبلاد بالمضي قدماً نحو محاولة اصلاح ما تهدم والنهوض بالدولة. في بلد مثالي، يكتمل النصاب وتنتهي المعاناة ويختار الشعب رئيسه من خلال ممثليه. لكن في لبنان، وبما انّه هناك استحالة اختيار شخص وسطي حقيقي لا يملك حضوراً شعبياً، سنبقى عالقين في دائرة الممانعة مقابل السياديين، في جدال يولع حروب لا تنطفئ، في عرقلة وفراغ تحت سلطة سلاح غير شرعي. ان استطاع رئيس تيار المردة الحصول على الاصوات الكافية أم لا،أو في حال العرقلة أم عدمها، فالرئيس القادم سيكون أمام امتحان صعب. لديه ست سنوات امّا يخرح البلاد فيها من الجحيم أو يغرقها أعمق في قاعه حتى الانهيار. وكم من انهيارات يمكن للبنانيين التحمل قبل الانفجار. المنعطف قادم، والقيادة الامنة الجيدة أضحت واجب وليس خيار.