من 32 مليار دولار الى صفر… انهيار إمبراطورية “سام”
نوفمبر 30, 2022
A-
A+
يقف وراء الأزمة التي عصفت بسوق العملات المشفرة مؤخرا، شخص يدعى “سام بانك مان فريد” صاحب كل من شركة “Alameda research” و “FTX”.
كانت بدايات “سام بانك مان فريد” من خلال شركة”Alameda Research” التي أسسها بعد تحقيقه ملايين الدولارات من ثغرة اكتشفها عندما كان مضارباً للبتكوين. فقد اكتشف أنه كان قادراً على شراء البتكوين رخيصاً في السوق الأميركي، وبيعه بسعر أعلى في السوق الياباني, ما ساهم في تحقيقه لملايين الدولارات.
اسس “سام” شركة “Alameda Research ” عام 2017، وعيّن سام صديقته، كارولين إليسون، مديرة عامة للشركة، وهي لا تملك خبرة طويلة في التداول والأسواق المالية.
عام 2019 اسس سام “FTX” التي تقوم على توفير بورصة لتداول العملات المشفرة. اذ كان سام يعرض على المودعين تخزين عملاتهم المشفرة على خوادم الشركة، بدلاً مما تسمى بـ”المحافظ الباردة”، كوحدات التخزين الناقلة .ما يسهل على المتداولين عملية البيع أو الشراء، مقابل عمولة تحصل عليها “FTX”.
من جهة ثانية كانت “FTX” تقدم أيضا تخفيضات في الأسعار لكل من يقرر شراء العملة الخاصة بها، المسماة “FTT”. ما يعني أن باستطاعت “سام” طباعة ما يريد منها، وإقناع المستثمرين والعملاء على حد سواء بقيمتها السوقية.
بداية الأزمة
أدى التضخم المالي ورفع أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام الحالي، إلى هروب المستثمرين من الأصول ذات نسب المخاطر العالية، وأهمها العملات المشفرة. النتيجة كانت انهيارات متتابعة، وإفلاس لشركات التداول.
سام تدخل من خلال شركته “Alameda research” لإنقاذ تلك الشركات مالياً، عبر شراء مخزونها من العملات المشفرة. إلا أن شركته كانت تعاني أصلا من تراكم الخسائر جراء استثمارات وتجارب فاشلة، في ظل وجود مديرة غير مؤهلة مثل كارولين إليسون.
وعلى وقع الخسائر المتراكمة التي قضت على سيولة المالية لشركة “Almeda Research”، ارتكب “سام” اول جريمة مالية بتحويله مبالغ متزايدة من أموال المودعين في “FTX” إلى “ألاميدا” دون علمهم أو موافقتهم. وصلت قيمة التحويلات في نهاية الأمر إلى 8 مليارات دولار، أغلبها في صورة “FTT”.
بقيت القصة طي الكتمان إلى أن نشر موقع “coin desk” تقريرا كشف فيه عن فضيحة مالية في شركة “Alameda research “. ووفقا للوثيقة التي استعرضها الموقع فأن جزء كبير من أصول الشركة هي من العملة ال FTT التي تصدرها FTX. وقد بلغ حجم تلك الاصول من عملة ال FTT خمس ميزانية “Alameda research”، البالغة 14.6 مليار دولار حتى شهر حزيران 2022.
هذا التقرير حمل في طياته فضيحتين اثنتين لأي صندوق استثماري:
الأول، عدم تنويع الملف الاستثماري، وحصره في مصدر واحد، ما يجعله معرضاً لخسائر كبيرة في حال تراجع قيمة هذا المصدر.
الثاني، امتلاك كميات كبيرة من عملة تصدرها البورصة التي يملكها صاحب الصندوق الاستثماري. يمكن مقارنة ذلك بشراء حكومة الولايات المتحدة لغالبية سندات خزينتها.
ومع هبوط سعر “FTT” بسبب التراجع العام لأسواق العملات المشفرة، واجهت “Alameda research” صعوبات كبيرة في توفير سيولة مالية كافية للمضاربة في السوق.إلا إن الشعرة التي قسمت ظهر البعير والتي عجلت في الانهيار كانت على يد مؤسس “Binance” الشركة المنافسة ل “FTX”.
ما علاقة مؤسس “Binance” بافلاس “FTX”؟
مؤسس “Binance” كان من أوائل من استثمروا في “FTX”، فقد اشترى 20% من حصصها بمبلغ 100 مليون دولار. لكن بعدها بسنوات أعاد “سام” شراء تلك الحصص منه بملياري دولار، دفعها في صورة”FTT” و “BUSD”. بذلك، أصبح منافس “سام” من أكبر مالكي عملته.
بعد نشر التقرير المالي سالف الذكر عبر موقع “Coin Desk” لأصول “Alameda Research”، أعلن مؤسس “Binance” عن أنه سيتخلص مما تبقى بحوزته من عملة “FTT”، والتي تبلغ قيمتها نحو 2.1 مليار دولار. هذا الإعلان أثار هلعاً لدى المودعين في “FTX”، والذين بدؤوا بسحب أموالهم من “FTT”. هذه الموجة تسببت في انهيار تام لسعر العملة بنسبة 80%، وذلك في غضون 48 ساعة فقط.
لم تكن “FTX” تمتلك السيولة الكافية للاستجابة لكل عمليات البيع هذه، إذ تبين أن ما عليها من التزامات يبلغ نحو 9 مليارات دولار، إلا أنها لا تملك أكثر من 900 مليون دولار من السيولة، أي نسبة تغطية لا تتجاوز 10% فقط.
ما دفع “سام” الى الإتصال بمؤسس “Binance” “جاو” من أجل إنقاذ “FTX” من خلال عملية استحواذ كامل. لكن “جاو” أعلن رفضه بعد فحص بيانات الشركة.مما مثل ضربة ثانية قوية تسببت في مزيد من انهيار “FTX”.
الامر الذي دفع “سام” في 10 من تشرين الثاني الى إعلان إفلاس “FTX” ضمن الإجراءات الطوعية الخاصة بالفصل الحادي عشر من قوانين الافلاس في الولايات المتحدة الاميركية.
أزمة العملات المشفرة تتعمق على وقع افلاس منصة FTX
صباح الاثنين 28 تشرين الثاني أعلنت شركة”BlockFi” ،وهي منصة للاقتراض بالعملات المشفرة أنها تقدمت بطلب إفلاس، في الولايات المتحدة بموجب الفصل 11. لتصبح أحدث شركة أصول رقمية تنهار في أعقاب السقوط السريع لبورصة “FTX”.
واجهت “BlockFi” مشاكل مالية مماثلة خلال الصيف الفائت، لكنها تلقت خطة إنقاذ طارئة في شكل خط ائتمان بقيمة 250 مليون دولار من بورصة “FTX”، لكن هذه الأخيرة انهارت مؤخراً، وهو ما يبدو أنه أدى في النهاية إلى إفلاس “BlockFi”.
الدعاية المدفوعة.
قال المستشار في أمن المعلومات والتحول الرقمي رولان أبي نجم في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الإعلام الأميركي ساهم في اعطاء صورة غير واقعية عن منصة “FTX” ومؤسسها “سام بانكمان فرايد” الذي ظهر على غلافات عدة مجلات أميركية اقتصادية موثوقة، مشيراً إلى أن هذه المجلات بالإضافة إلى الكثير من الجهات الإعلامية قامت بالتسويق المدفوع لمؤسس FTX، وأشادوا به كما تم مقارنته بكبار رجال الأعمال في العالم دون التدقيق بحقيقة ما يقوم به هذا الرجل.
واضاف أبي نجم الى أن العملات الرقمية تأخذ قيمتها من الثقة ومن موضوع التسويق، وبالتالي فإن تكرار ظهور مؤسس FTX في الإعلام وإشادة أهم المجلات الاقتصادية به، ساعده على كسب ثقة المتداولين والمستثمرين، ليتبيّن الآن أن كل ما قاله الإعلام غير صحيح، ومرده إلى الدعاية المدفوعة التي كان يلجأ إليها بانكمان فرايد لتبييض صورته.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي