“حزب الله يستعين بغوبلز…”كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها

أكتوبر 19, 2024

A-

A+

ليس جبناً أن تعترف لخصمك السياسي بنجاحاته، وليس من المنطق أن تخفي إنجازاته. فاحتلال المرتبة الأولى لم يأتي عن طريق الصدفة، بل جاء نتيجة عمل دؤوب، تعب سنين، سهر ليالٍ، متابعة يومية دقيقة، وفرق عمل كبيرة تعمل كخلايا نحل. كل هذا أثمر عن فوز “الحزب” بأفضل استنساخ لمبادئ جوزيف غوبلز في العالم المعاصر. ألا يستحق على ذلك أن “تُرفع له القبعة”؟.

لمن لا يعرف من هو جوزيف غوبلز، هو وزير الدعاية السياسية لأدولف هتلر ولألمانيا النازية، وصانع أسطورة “الفوهرر”. أتقن غوبلز فن الإعلام وكيفية التأثير على العقول، وهو صاحب نظريات دعائية ماكيافيلية وأستاذ في فن “البروباغندا” الإعلامية. له الفضل الأكبر في خلق هالة حول هتلر قرَّبَته من مرتبة الآلهة، وجعل الشعب الألماني يقدِّم له الطاعة والولاء.

يقول غوبلز: “بالغ في كذبك، فكلما كبرت الكذبة سهل تصديقها”. نعم، “الحزب” كبَّر الكذبة وصدَّقه كثيرون بأنه سيحرّر فلسطين. استغلَّ عواطف العرب والعالم حول قضية هذا العصر، محاولاً جذب مشاعر الجمهور. صدَّقه كثيرون وحلموا برفع الراية الصفراء في القدس وتحرير إخوتهم المظلومين، ودحر المحتل مع رفع علامة النصر. لكن الحقيقة في مكان آخر تماماً.

استغلَّ “الحزب” القضية الفلسطينية ليكون له ذريعة للتسلح واقتناء الصواريخ وتنظيم العسكر، وبعد 40 سنة من كذبة تحرير فلسطين، غزة مدمّرة ومحاصرة، و”الحزب” منهك، ولبنان يحاول أن يلتقط أنفاسه من حرب لا تجلب له أي منفعة.

يقول غوبلز: “اكذب، اكذب حتى يصدّقك الناس. الدعاية الناجحة يجب أن تحتوي على نقاط قليلة وتعتمد على التكرار”. هذا ما طبَّقه “الحزب” منذ نشأته في العام 1982. في كل فرصة، كل ظهور، بيان أو خطاب، تتكرر السردية نفسها: “سنزيل إسرائيل من الوجود”. أسأل نفسي، لو لم يكذب “الحزب” ولم يصدّقه الجمهور، كم من الحروب كنّا قد وفّرناها؟ كم من أمٍّ كانت ستبقي ابنها إلى جانبها؟ كم من منزل كان سيظل قائماً؟ كم من الاستثمارات كنّا سنجذب؟ من المؤكد أن الحال كان سيكون أفضل مما هو عليه اليوم.

يقول غوبلز: “كلما سمعت كلمة مثقف تحسّست مسدسي”
دفعنا ثمن استنساخ مبادئ غوبلز غالياً. خسرنا جبران تويني، سمير قصير، وتعرّضت مي شدياق لمحاولة اغتيال، واللائحة تطول.
كلما قلنا لهم لنتناقش في السياسة تحت سقف الدستور والقوانين، يكون الرد دائماً أن السلاح مقدس، وشُرِّع استعماله داخل الوطن ضد كل من يخالفهم الرأي.

ختاماً، لعلّ أكثر ما يثير الحزن في هذا التشابه الذي ذكرنا بعض نقاطه، هو أن غوبلز انتحر هو وعائلته بعد يوم واحد من وفاة هتلر. هذا بالضبط ما يفعله “الحزب” بنا اليوم؛ هو يأخذنا ويأخذ البلد نحو الانتحار، بعدم وقفه إطلاق النار بعد مقتل قائده.