ماذا لو سقط النظام الايراني؟

نوفمبر 5, 2022

A-

A+

لا يخفى على أحد أن ما يجري في إيران ليس مجرد تظاهرات عابرة، انما هي ثورة وإنتفاضة تشهدها البلاد ضد السلطة الحاكمة والدكتاتورية التي تسيطر على البلاد منذ الثورة الخمينية. فمنذ إندلاع الثورة الإسلامية عام 1978 أحكمت الدكتاتورية بقيادة المرشد الأعلى سيطرتها واعتقلت المعارضين وأنزلت بهم أشد العقوبات. ومنذ ذلك الحين حتى الآن اندلعت عدة إنتفاضات بوجه السلطة مثل إنتفاضة عام 2009 حين جرت الإنتخابات الرئاسية و كانت المنافسة محتدمة بين الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد والمرشح الإصلاحي مير حسين الموساوي وانتهت بفوز أحمدي نجاد. فالنتائج صدرت بشكلٍ مريب مما أثار شكوك المعارضين فاتهمت السلطة بتزوير النتائج لصالح الرئيس المنتخب آنذاك وإندلعت تظاهرات في كافة أنحاء البلاد منددة بالنتائج ومطالبة بالنتائج الفعلية للإنتخابات.

وكان مقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق الإيرانية شرارة إنطلاق الاحتجاجات الأخيرة في إيران التي مرة عليها أكثر من 47 يوماً وفي أكثر من 150 مدينة في مختلف أنحاء إيران. المختلف في هذه الإنتفاضة انها تتمثل بمطالبة الشعب بالحريات وليس كسابقاتها التي كانت مسبباتها أمور تتعلق بالمستوى المعيشي. لذا فهي تضع النظام الإيراني أمام موقف صعب فهو لا يستطيع أن يرضخ ويقبل لمطالب المتظاهرين الذي يتهمهم بالعمالة ولا يستطيع أن يقمع الشعب بأكمله.

لكن سؤال يطرح، ماذا لو سقط نظام المرشد في إيران؟ إنهيار النظام في إيران قد يكون مفتاحاً لحلحلة العديد من المشاكل في منطقة الشرق الأوسط. فلطالما كانت طهران رافعة لمحور المقاومة والممانعة. فهي الداعم الأساسي لحركات وجماعات وأنظمة موالية لها. فدعمها يمتد من جماعة الحوثي في اليمن، مروراً بحركة حماس في فلسطين، وصولاً للحزب في لبنان. أيضاً دعمها للميليشيات العراقية ومساهمتها مؤخراً بإيصال رئيس الحكومة المدعوم من نوري المالكي وحزب الدعوة الإسلامي. فهي لا تكتفي بالدعم السياسي لحلفائها، بل يتخذ هذا الدعم أشكال عدة منها الدعم المالي والدعم العسكري كما هو الحال في لبنان. إذ إن “الحزب” في لبنان يشكل ذراع إيران في المنطقة وهو الساهر الدائم على مصالحها. مما جعل من لبنان منصة للرسائل الايرانية في المنطقة خاصة مع سيطرة الحزب على مراكز القرار في الدولة من رئاسة الجمهورية، لرئاسة الحكومة، وإلى حدٍ كبير مجلس النواب.

كما إن إنهيار النظام في إيران سيؤدي حتماً إلى زعزعة التأثير الصيني في المنطقة إذ إن مبادرة طريق الحريري تمر في إيران، والنظام الصيني لا يتردد في مساعدة إيران بالإلتفاف حول العقوبات الأميركية من خلال العديد من الصفقات التجارية التي تضخ الأموال في الإقتصاد الإيراني. بالإضافة إلى الإستمرار في شراء النفط الإيراني، هذا من جهة. لكن من جهة أخرى، هذا لا يمنع تقارب صيني من دول الخليج العربي اذ إن الدول العربية ترى في الصين شريك إقتصادي مهم، وقيام نظام في إيران مختلف عن إيران خامنئي سيفتح مجال لتعاون على مختلف الاصعدة بشكل تكون الصين حليف إستراتيجي وليس أداة لمواجهة صينية – أميركية.

إن إنهيار النظام في إيران سيكون له تداعيات أيضاً في سوريا، إذ أن رئيس النظام السوري بشار الأسد سيخسر حليفه الأول وسيترك المجال في سوريا لهمينة روسية هي التي تسمح لإسرائيل بشن ضربات على مختلف المواقع العسكرية في الداخل السوري. كما إن طرق امداد السلاح للحزب في لبنان ستتأثر لأن سلاح الحزب مصدره إيران ويمر في سوريا، فإن إنهار النظام في إيران فربما ذلك يؤدي إلى وقف الدعم لسوريا وبالتالي خسارة المراكز العسكرية حيث الوجود الإيراني.

لا بد من الإشارة إن سقوط النظام في إيران أمر صعب وذلك لوجود الحرس الثوري الذي يتصرف بحرية كاملة في قمع التظاهرات وإعتقال وقتل المتظاهرين. لكن ذلك لن يمنع الشعب الإيراني عن المواجهة كما هو الحال الآن. على الرغم من القمع، يستمر الإيرانيون بالتظاهر وبوتيرة مرتفعة مما يعكس عدم الرضا عن النظام الحاكم والرغبة في التغيير، أضف إلى ذلك إن الثورة تأخذ منحى عنيف، فأعداد القتلى من الطرفين في إرتفاع مستمر. وبالطبع إن سقط النظام في إيران فذلك سيكون له تداعيات كبرى في المنطقة وسيساهم في تغيّر مجرى الأحدث وتغيّر بموازين القوى.