خسائر بقيمة 60 مليار دولار… كيف أثرت الحرب على اقتصاد اسرائيل؟
نوفمبر 27, 2023
A-
A+
“طوفان الأقصى” بات يشكل عبئا ليس على ميزانية الدفاع الإسرائيلية فحسب، بل على الاقتصاد الأسرائيلي ككل. ووفقا لتقارير إقتصادية، فإن كل شهر من الحرب قد يؤدي إلى خسارة في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى ما بين 8 و9 مليارات شيكل (2.1 و2.4 مليار دولار)، فضلا عن خسائر مستقبلية للاقتصاد وسوق العمل. ورغم أن الحكومة أصدرت سندات دولية من خلال الاكتتابات الخاصة عبر بنوك “وول ستريت”، مثل مجموعة غولدمان ساكس”، فإنها تعتمد على السوق المحلية لاستيعاب الجزء الأكبر من احتياجاتها التمويلية. وبالفعل، باعت وزارة المالية 18.7 مليار شيكل من السندات المحلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مقارنة بمتوسط شهري يزيد قليلا على 5 مليارات شيكل حتى الشهر السابق له.
و يتوقع نمو الاقتصاد في إسرائيل لعام 2023 أن يكون 2%، وستسجل إسرائيل صفر نمو اقتصادي بالقيم الحقيقية في عام 2023، وفقًا لتوقعات محدثة أصدرها رئيس الاقتصاديين في وزارة المالية، شموئيل أبرامسون . و كانت توقعات رئيس الاقتصاديين السابقة للنمو الاقتصادي، في يوليو 2.7%. و يشير التقرير الحالي إلى أنه لولا الحرب، كان من المتوقع رفع هذا التوقع ، الا أن الحرب ستسبب انخفاضا مقدرا بنسبة 1.4% في الناتج المحلي الإجمالي.
فيما يتعلق بالعام المقبل، تشير التحليلات إلى أنه “نظرًا لارتفاع درجة عدم اليقين المرتبطة بالوضع في المعركة، تم إعداد عدة سيناريوهات”. في السيناريو الأساسي، الذي يعتمد عليه التوقع، سينمو اقتصاد إسرائيل بنسبة 1.6% في عام 2024. يفترض هذا السيناريو استمرار الحرب حتى الربع الأول من عام 2024. وفقًا لـ “سيناريو الانتعاش السريع”، ستكون النمو في العام المقبل 2.2%، بينما ستكون الزيادة على أساس “سيناريو الانتعاش البطيء” 0.2%.
في التوقعات لعام 2023، يؤكد رئيس الاقتصاديين أن “الأضرار في الشعور بالأمان وانخفاض معنويات المستهلكين يقللان من الاستهلاك الخاص”، الذي يتأثر أيضًا بانخفاض دخل الأسرة. يُتوقع أن يكون النمو في الاستهلاك الخاص في عام 2023 فقط 0.1%. من المتوقع أن تظهر الصادرات انخفاضًا بنسبة 0.6%، في حين يُتوقع أن تنخفض الواردات بنسبة 4.4% .
سوق العمل
أما بشأن سوق العمل، فإن في الفترة من السابع من أكتوبر/تشرين الأول إلى الأحد 19 نوفمبر/تشرين الثاني، تقدم 128 ألف شخص بطلب للحصول على إعانات ومخصصات البطالة من مؤسسة التأمين الوطني، وتم وضع 96 ألف منهم في إجازة قسرية عن العمل بدون الحصول على راتب أو مخصصات بطالة.
وبالمقارنة، هناك عادة نحو 20 ألف طلب جديد للحصول على إعانات ومخصصات البطالة شهريا في المعدل، 59% منهم تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما، و39% تتراوح أعمارهم بين 41 و67 عاما.
ووفقا لبيانات مكتب العمل التابع لمؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلي، تمت إضافة حوالي 70 ألف شخص إلى قائمة العاطلين عن العمل الشهر الماضي، وهذا العدد بمثابة 3 أضعاف ما كان عليه نفس الشهر من العام الماضي، حيث تم إرسال 60% من المتقدمين الجدد للحصول على مخصصات البطالة إلى إجازة بدون راتب.
كلفة الحرب على الأقتصاد
توقعت “ليدر كابيتال ماركتس” و هي شركة استشارات مالية في إسرائيل، أن الحرب على قطاع غزة قد تكلف الاقتصاد الإسرائيلي 48 مليار دولار خلال العامين الجاري والمقبل، بحسب ما أوردت وكالة الأناضول. اشارة الى أن تقدير الـ48 مليار دولار أقل من تقديرات سابقة، بينها إعلان المجلس الاقتصادي الوطني الإسرائيلي (حكومي)، في تقرير قبل أيام، أشار فيها إلى أن كلفة الحرب على اقتصاد إسرائيل ربما تبلغ 200 مليار شيكل (54 مليار دولار).
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي قدرت وزارة المالية الإسرائيلية أن تكلف الحرب الاقتصاد 270 مليون دولار يوميا، مشيرة إلى أن انتهاء الحرب لا يعني توقف الخسائر. تنقل صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن مسؤولين إسرائييين قولهم، إن تل أبيب تتوقع استمرار الحرب على غزة لمدة 3 أشهر؛ لأن استمرارها أكثر من ذلك سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي، بسبب العدد الكبير لجنود الاحتياط.
التكلفة اليومية لنفقات الدفاع التي قُدّرت حتى الآن بأكثر من 260 مليون دولار، وقد تزيد مع استمرار مدة الحرب، وهذا ما أشار إليه تقرير لوكالة بلومبيرغ حذّر من أن هذه التكلفة مرشحة للارتفاع، مما سيضغط على المالية العامة لإسرائيل.
ولن يقف تأثير الحرب الحالية على موازنة العام الحالي، بل سيمتد ذلك إلى موازنة 2024، حيث توقعت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن يتضاعف هذا العجز المالي 3 مرات العام المقبل، مع ارتفاع حجم الإنفاق العسكري على حرب غزة، في حين تتوقع وكالة موديز أن يصل العجز إلى 7% من الناتج المحلي العام القادم.
وتقول صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية في تقرير سابق لها، إن نصف تكلفة الحرب على غزة ستذهب إلى نفقات الدفاع (نحو 25 مليار دولار)، بينما ستصل الخسائر على صعيد الإيرادات 16 مليار دولار، ونحو 5 مليارات على شكل تعويضات للشركات، و5 مليارات أخرى سيتكبدها الاحتلال بسبب إعادة التأهيل.
وكالات التصنيف الأئتماني
مخاوف البنك المركزي الإسرائيلي وعدد من المختصين بشأن التأثيرات السلبية للحرب على الشيكل، ودورها في رفع معدلات التضخم والعجز المالي هي نفسها العوامل التي قيّمت على ضوئها وكالات التصنيف الائتماني العالمية الوضع الاقتصادي لإسرائيل.
تشير تقديرات وكالة ستاندرد آند بورز إلى أن الناتج المحلي لإسرائيل سينكمش بـ5% خلال الربع الأخير من العام الحالي على أساس ربعي، بينما يتوقع بنك “جي بي مورغان” انكماشا بـ11% خلال الربع الأخير على أساس سنوي. و خفّضت وكالة ستاندرد آند بورز نظرتها المستقبلية لاقتصاد دولة الاحتلال من مستقرة إلى سلبية، وسط ارتفاع المخاطر المحدقة بسبب الحرب، محذّرة في الوقت نفسه من التداعيات السلبية لاستمرار هذه الحرب.
أما وكالة موديز للتصنيف الائتماني فترجح انكماش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 1.5% العام القادم، مع غياب 18% من القوى العاملة في إسرائيل خلال الحرب، كما تتوقع أن يتسع عجز الميزانية إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي العام الحالي. وحذرت وكالة موديز من تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل في حال تصاعد الصراع العسكري الحالي بشكل كبير أو انتشاره خارج حدود إسرائيل.
كما وضعت “فيتش” للتصنيف الائتماني تصنيف إسرائيل تحت المراجعة السلبية، وسط خسائر متوقعة لاقتصادها بسبب الحرب على قطاع غزة.
اما السؤال الأهم فهو حول الفترة الزمنية التي ستستغرقه العمليات العسكرية.
أكثر من شهر ونصف الشهر وإسرائيل تحاول أن تنهي المعركة لصالحها دون جدوى، وفي كل يوم تتأخر فيه تخسر مئات الملايين من الدولارات نفقات دفاعية فقط، بجانب ملايين أخرى تُدفع إلى جنود الاحتياط الذين استدعتهم للحرب، وتعويضات للمؤسسات والشركات التي تضررت بسبب نقص العمالة والوضع الاقتصادي المتردي، ونفقات أخرى لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين أُجلوا من غلاف غزة وشمال إسرائيل على الحدود مع لبنان.
وتشير التقديرات إلى أن إسرائيل قد تتكبد خسائر ما بين 51 و60 مليار دولار إذا طالت الحرب إلى ما بين 8 أشهر إلى سنة كاملة، وهو ما يمثل نحو 10% من الناتج المحلي لدولة الاحتلال.
فهل تجبر الخسائر المالية الكبيرة إسرائيل على وقف الحرب على قطاع غزة؟
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي