ورقة المليون ليرة… هل نقترب من اقتصاد فينزويلا؟

أبريل 13, 2023

A-

A+

لطالما كانت هناك وسائل للتبادل بين البشر حيث بدأت من خلال المقايضة بين طرفين، من ثم إستخدام السلع كنقود، لإستخدام المعادن مثل الفضة والذهب كعملات اللذين كانت قيمتهما التبادلية مماثلة لقيمتهما الأصلية.

 مع تطور الحياة تطورت فكرة وسائل التبادل إلى طباعة أوراق نقدية التي أُعطت قيمة مقرونة بقيمة الذهب، فإعتمد نظام حيث قيمة العملة المتداولة فيه يتم تأمينها بمقدار مماثل من الذهب.

 في وقتنا الحالي، النظام المعترف به يقارن جميع العملات بالدولار، وهذا الأمر حصل بعد خروج أمريكا من الحرب العالمية الثانية كقوة عسكرية وإقتصادية عظمة، الأمر الذي أعطاها وزناً كافياً حتى تقبل باقي الدول بمقارنة العملات بالدولار الأميركي. فالدولار اليوم يستمد قوته من الثقة في الحكومة الأميركية.

الوظيفة الأساسية لأي وسيلة التبادل، هي أن تكون مقبولة على نطاق واسع ولديها قوة شرائية مستقرة نسبياً. ولتسمية وسيلة التبادل بالنقد أو العملة يجب أن تتوفر فيه خصائص معينة ومن أهمها سهولة حملها ونقلها، القدرة على تجزئتها، وأن يكون ولها قيمة بحد ذاتها.

أين عملتنا اللبنانية من هذه المقومات؟

انتشر مساء أمس الأربعاء، خبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مفاده تصدّر العملة اللبنانية لائحة أسوأ العملات عاملياً وعربياً، بتراجع بنسبة الـ70%. والمفاجئ في الموضوع أن عملتنا الوطنية تغلّبت حتى على البوليفار الفينزويلي بأشواط.

وبعد الإنهيار المتسارع لقيمة الليرة، فقدت عملتنا اللبنانية الكثير من المقومات لتكون عملة قيّمة.

فإنخفضت قيمتها الفعلية ليصبح طبع الليرة يكلف أكثر من قيمتها. كما أنه ليس بالسهل حملها والتنقل بها، بعد أن بلغ التضخم مستويات مرتفعة أدى الأمر إلى حمل كمية كبيرة من المال لسداد المدفوعات، فأصبحت النقود عرضة للضياع والسرقة والتلف.

وفي عدم وجود أي خطة تعافي إقتصادية أو مالية أو خطة لحفظ أموال الموديعين وتعزيز الإستثمار لزيادة الناتج المحلي ولتخفيض عجز ميزان المدفوعات سيظل مسار الليرة بالنسبة للدولار في مسار تصاعدي آخذ في تسارع الوتيرة من شهر إلى شهر حتى من يوم إلى يوم. وحالياً لا يمكن وضع أي حد لوصول الدولار من دون وجود أي إجراءات فعلية.

عملة المليون ليرة قريباً؟

كل الأحداث المالية والاقتصادية أدت إلى تناقل خبر طبع المليون ليرة. إحتمالية حل كهذا هدفه تسهيل حركة السيولة بسبب مشكلة التداول بالأوراق النقدية.

لكن على المقلب الآخر سيكون هناك مشاكل عدة من ضمنها، إنخفاض وجود فئات صغيرة من العملات مما سيجبر السوق على موازات الأسعار، مثلا الغرض الذي كان بـ950 ألف سوف يصبح بمليون ليرة، فإتباع هذه الطريقة أسهل من تجزئة العملات، لكن الأسعار سترتفع وكما دائماً على المواطن تحملها.

الأكيد أن طباعة الفئات الكبرى ليست حلاً، لأننا مع انهيار الليرة سنواجه المشكلة ذاتها في المستقبل خاصة عندما تتدنى قيمة فئة المليون ليرة، كما أن إحدى الانعكاسات السلبية لطباعة هذه الفئات وهو قدرة المصرف المركزي بزيادة كمية الليرة اللبنانية في التداول بطريقة أسهل وأرخص. وبالتالي فإن ضخ كميات كبيرة في السوق هو عامل أساسي لانهيار سعر الصرف وما دام المصرف المركزي مستمراً في الطباعة فإن وتيرة الانهيار مستمرة.

أخيراً، ما يمكن جزمه أننا حالياً لم نعد بوضع تقني، الآن أصبحنا بوضع سياسي بحت لترميم جزء من الثقة للجم سعر صرف الدولار، وليس لتغير مساره من مسار تصاعدي لمسار هبوطي.