زواج القاصرات “اغتصاب مشرّع”

أغسطس 16, 2022

A-

A+

لبنان العليل بسلطته وشعبه ومسؤوليه، يعاني حتّى اليوم من ظاهرة الزواج المبكّر في ظلّ غياب القوانين والتشريعات التي تعنى بالمرأة بشكلٍ عام، بزواجها، وطلاقها، وعملها، وتعنيفها، وتهديدها، وحتّى قتلها بداعي “الشرف” في العديد من المناطق اللبنانيّة.

كيف لمن لم يحظى بكامل تربيته أن يربّي أولاداً؟

وكيف لمن لم يتعرّف بعد على ما يريد وما لا يريد أن يختار نهجاً وشريكاً وحياةً تستمرّ معه للأبد؟

وكيف للدولة التي لا تسمح لمواطنيها الذين أتموا العشرين من عمرهم أن ينتخبوا ويختاروا مسؤوليهم في الوطن، بحجة أنهم غير واعين بعد وغير قادرين على تحمل هكذا مسؤوليات، أن تسمح هي ذاتها للأطفال الذين لم يتموّا الرابعة عشر والخامسة عشر بالزواج؟ هل ابن الرابعة عشر أقدر وأوعى من ابن العشرين؟

وهل الانتخابات التي تمرّ كلّ أربعة أو ستّ سنوات كالزواج الأبدي ومسؤولياته اللامتناهية؟ أين العقل والمنطق من قوانينكم وقراراتكم المجحفة بحقّ الإنسان الطفل والشاب والمواطن؟

وهل يعلم المواطن اللبناني أنّ قانون الموجبات والعقود يمنع الفتاة دون الثامنة عشر من الالتزام بالعقود بينما يسمح لابنة الخمسة عشر عاماً بالزواج؟ ما الأهمّ؟ عقد بيع حمولة البطيخ أم عقد الزواج بكلّ ما يضمّ من التزامات ومسؤوليات؟ وهل يعلم المواطن اللبناني أن دولته العظيمة سمحت للفتاة بعمر الثامنة عشر بالزواج ولكنها لم تسمح لها بقيادة السيارة والحصول على دفتر سوق، أقيادة السيارة أصعب من قيادة العائلة والزوج والبيت والأطفال؟

وكيف للتلميذ الذي لا يستطيع اختيار تخصصه الجامعي، فينتقل من فرعٍ لآخر أن يختار شريك حياة؟ أم أنكم تريدون للتلميذ ذاته أن ينتقل من شريك لآخر في محاكمكم الشرعية والروحية لتكدسوا الأموال والرسوم والغرامات في خزاناتكم وعلى أفراد مؤسساتكم؟

وهل يعلم المواطن اللبناني أنّ عقود الطلاق التي بلغت في العام 2009 أقلّ من ألف عقد، ارتفعت لتصل في العام 2020 إلى ثمانية آلاف عقد طلاق؟  وبحسب الدراسة فإنّ الزواج المبكر بين القاصرين هو السببب المباشر لارتفاع هذه النسبة.

ولماذا الزواج المبكر بات ملازماً للضواحي والمناطق الفقيرة في لبنان؟ فالنسبة الأكبر لانتشار هذه الآفة كانت في ضاحية بيروت الجنوبية يليها جبل لبنان، ثمّ لبنان الشمالي.

من المسؤول عن انتشار هذه الظاهرة؟ ومن سيسمع للأطباء والمستشفيات والمستشارين والأخصائيين النفسيين الذين كانوا ولم يزالوا حتى اليوم ينشرون أبحاثهم ودراساتهم عن المخاطر الجسدية والنفسية لزواج القاصرات، وما هو دور الإعلام في هذا الوقت غير عرض الحالات وفتح باب النقاش، ومتى ستأخذ المراجع الدينية والسياسيّة موقفاً حاسماً من هذا النوع من الزواج، وخاصة زواج ابن الخمسين ببنت السابعة عشر …

متى؟