بجاني والحصروني ولقمان سليم وغيرهم… العدالة المخفية في وطن اللامحاسبة
أكتوبر 7, 2023
A-
A+
على مر السنين، مرّ على لبنان الكثير من العواقب والمصاعب إبتداءً من الحروب التي أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا، ومن ثم سلسلة الإغتيالات التي أدت إلى إستهداف العديد من الوزراء والنواب والصحافيين. وكان غياب الدولة والأمن، سيّد الموقف، في الجرائم المتراكمة على مرّ السنوات وآخرها عدم ملاحقة المسؤولين عن مقتل المصوّر جو بجاني الذي رصد بعدسته خفايا متعلقة بتفجير مرفأ بيروت. وحتى اليوم العدالة لا تزال مجهولة وطبعاً لمصالح سياسية بحتة.
وآخر جريمة كانت اغتيال الياس الحصروني، في منطقة قابعة تحت وصاية الميليشيا، وحتى اليوم ترى عدم وجود إهتمام من الدولة لملاحقة قضيته ومعرفة الأسباب الكاملة وراء قتله. وأخيراً وليس آخراً، أكبر جريمة مالية في العصر وهي إحتجاز أموال المواطنين وحرمانهم من الوصول إلى جنى عمرهم، وغياب المحاسبة التامة. إلى متى ستبقى العدالة مخفية؟ وإلى متى سيبقى المواطن يدفع ثمن فساد دولته؟
لبنان هو الوطن الجريح من قبل الدولة التي تستنزف كل يوم شعبه وأرضه. نعم الموت حق لكن في وطننا الغالي أصبح الموت جريمة. لا أحد يسعى وراء تحقيق العدالة لماذا؟ لأن دولتي هي الفاعل الأساسي وراء كل هذا الخراب، أموال المودعين أحتجزت وأصبح المواطن محجوزاً مثل أمواله لا يستطيع إدخال والده إلى المستشفى ولا يستطيع دفع قسط المدرسة لإبنه ولا بامكانه دفع إيجار منزله، بات على المواطن أن يذهب إلى المصارف مسلحاً أو أن يعتصم عن الأكل وينام على أبواب المصارف مطالباً بالحصول على حقه بيده.
إلى متى ستبقى الأم تنتظر إبنها بخوف ليعود من عمله سالمًا ليس جثة هامدة؟ وإلى متى سيعيش الطفل يتيم الأب لأن والده حاول أن ينقل الحقيقة ويدافع عن وطنه؟ كل فترة نفقد شبابنا نتيجة السلاح المتفلت وإهمال الدولة وتسترها عن الجرائم لمصالح شخصية سياسية. قُتل جو بجاني أمام عائلته لأنه صوّر الحقيقة، وقتل الكاتب لقمان سليم لأنه قال الحقيقة ولم يخف من سلاح الميليشيا، وقتل الحصروني لأنه كان معارض للدويلة وغيرهم الكثير الكثير.
الجدير ذكره، في قضية جو بجاني، أنه تمت مصادرة جميع الداتا من قبل أجهزة أمنية من دون قرار قضائي أصلاً. لم يعد أحد يتذكر هذه الجرائم، في وطن غابت فيه الذاكرة عن كل هذه الارتكابات وبظل غياب القضاء والعدل والدولة. أسئلة كثيرة تطرح في هذا الملف، من كان وراء مقتل بجاني؟ ومن علاقة مقتل بجاني بتفجير المرفأ؟ هل الجهة ذاتها التي سببت بتفجير المرفأ، هذه المجزرة الوحشية المدمرة، هي من قتلت جو بجاني؟
في الواقع الرابط الأساسي الذي يجمع قضية الحصروني وجو، هو سماح الدولة بإبقاء السلاح غير الشرعي وعدم التوسع في التحقيقات لفهم الأسباب الكافية التي قد تساهم بمعرفة لأي جهة سياسية تابعة ومن خلفهم ومن يدعمهم ومن يساهم في هذه الأعمال الإرهابية الكبيرة. أما عن تفجير المرفأ فيجب أن تكون قضية تبحث بها جميع الدول لمعرفة خلفياتها. لماذا في بلاد العالم يُعرف القاتل في نفس اليوم ويستقيل وزراء ورؤوساء ونواب إذا لم تتحقق العدالة؟
طمع ثم سرقة ثم قتل، أموال الشعب إحتجزت ولم يتحاس أحد، فرّ رياض سلامة إلى جهة مجهولة، ولم يحاسبه أحداً. لماذا؟ على الأغلب لأنه تحت حمايتهم فهو لديه الكثير من الأدلة التي قد تؤذي رجال السلطة واحداً واحداً فإذا أحد إقترب نحوه سوف يدلي بكثير من المعلومات التي قد تطال رؤوس سياسية كبيرة فهو بالطبع حامي أموالهم وسرقاتهم.
وفي الختام يبقى السؤال، أين العدالة؟ متى ستطبق؟ متى يتنفس بلدنا الحبيب رائحة الإنتصار والحق بدلاً من رائحة الدم والسرقة؟
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي