ناس بدها تعيّد رغم الحرب وناس بدها الحرب رغم العيد
ديسمبر 20, 2023
A-
A+
يكاد الأمر يختلف هذه المرة، في صراع الحياة والموت، والسعي للحياة الذي يواجه السعي للموت، تظهر إرادة الشعب اللبناني، الذي اشتهر بحبه للحياة وعشقه لتفاصيلها.
شعب يعيش على ما تبقى له من رفاهية، يزرع وردة وسط أكوام الشوك، ويطعم طفلاً بين مجموعة من المتوحشين، وهو مؤمن بأن الوردة ستصبح حديقة، وأن الطفل ببراءته سيهزم كل الوحوش من حوله.
في لبنان، بلد الأرز، الذي اعتاد أن يتحول إلى شجرة ميلادية تضيء عتمة الشرق الأوسط في هذا الوقت من كل سنة، يكاد اليوم أن يختنق بزينته، بعد أن توحش بعض ممن فيه من مصاصي الدماء، الذين يتوقون للموت ويسعون للظلم الأكبر.
هل يمكن لأحد أن يكره وطنه؟ نعم، هذا ما يؤكده لنا أحد الأحزاب اللبنانية الساعي جاهداً لترسيخ مبادئ اللاوطنية، فهو بالفم الملآن متموّل من دولةٍ غريبة، ويقاتل في دولةٍ جارة، ويقتل اللبنانيين في سبيل دولةٍ ثالثة، غاضّاً نظره عن الوطن الذي احتواه وتربّى في أزقته.
في موسم الأعياد السّعيدة الذي ينتظره المسلم قبل المسيحيّ، بإلفةٍ ومحبّةٍ واشتياق، ليجتمعوا على مائدة المحبّة رغم الأوجاع والمآسي، محاولين نسيان كلّ شيء، يظهر لهم الحزب الأصفر، المفرط في تعاطيه لما يورّده، المقتات على اللحم والدّم والأشلاء البشريّة، الحالم بالوهم الأكبر والسّاعي لدولةٍ تشبهه بتخلّفه واصفرار هيئته وسواد رؤيته، يظهر بعنفوانه غير المسبوق لينزع العيد على أصحابه بهمجيّة غير اعتياديّة وسوء إدارة وتنظيم، ظاناً نفسه قوّةً مركزيّةً وإقليميّة، وهو في الحقيقة ينظر له كميليشيا محليّة مصيرها الزوال باتفاقٍ سياسيّ، وظاهرة لا تستحقّ العناء.
بينما يملأ اللبناني بوجوده المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية، رغمًا من شاء ومن أبى من السياسيين والمصرفيين والإرهابيين والميليشيات المسلحة والتكفيريين والمتملقين وخونة الهوية اللبنانية، نجد أن جزءًا آخر يعيش في عالمٍ موازٍ. زميلنا في الهوية اللبنانية، التي لا تشبهه ولا يشبهها، يستبشر بالحرب ويرى نفسه – بالوهم ذاته – قادرًا على القضاء على العدو الصهيوني ومعها أميركا والعالم الغربي بكامله.
هذا الغباء والتهوّر، في هذا الوقت بالذات، من هذه الفئة المستهترة خصوصاً بأمن اللبنانيين وسلامتهم، لن يقبل به بعد اليوم، لستم لبنان، لا تمثلوه، لا تحبّوه، لا يشبهكم ولا تحملون همّه، لبنان العيد والفرح والعيش المشترك والجيش القويّ.
لستم من تقررون الحرب، ولا السّلم، لا العيد، ولا المأتم، لا الفرح ولا الحزن، نحن اللبنانيون نقرر، المحبين لهذا البلد الحزين.
نحن المقاومة في وجه من ادّعوا المقاومة، في وجه الدّم والعمالة والخيانة.
حان الوقت لكي تفهموا أنكم غرباء لطالما أنّ ولائكم لغير وطنكم، ولن تصبحوا وطنيين إلا عندما تضعوا مصلحة لبنان فوق كلّ مصلحة.
نحن دعاة العيد، لن نرضخ لغربان الشؤم والعمالة.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي