بلد تنهار طرقاته مع كل عاصفة يريد شنّ الحرب على إسرائيل!

يناير 30, 2024

A-

A+

ارخى فصل الشتاء هذه السنة بظلاله على البنى التحتية. فبعد كل “شتوة”، تزداد التصدعات والتشققات على الطرقات وحفر جديدة، أشبه بالخنادق، تظهر. الأمطار تحولت من نعمة الى نقمة، نظرا للكميات الهائلة التي تساقطت وجعلت من الطرقات مستنقعات وأفخاخاً للسيارات. الا أن غزارة الأمطار ليست السبب الوحيد في تصدع البنى التحتية وبخاصة الطرقات. فغياب الصيانة وتقاعس الدولة عن تأدية مهامها، خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية من العام 2019 حتى اليوم، أوصلا الوضع الى هذا الدرك.

أيام قليلة من الامطار، كانت كفيلة بخلق مشاهد غير مألوفة وبحدوث أضرار جسيمة، ولعلّ العناية الالهية حالت دون ازهاق الارواح.  فعلى طريق ضهر البيدر، حصلت انزلاقات كبيرة بالتربة أدّت الى حالة من الارباك، مما دفع بالمعنيين الى اتخاذ اجراءات تفاديا لاي تطورات سلبية. في عكار، وتحديدا في خراج بلدة السمونية – سهل عكار، توفيت طفلة بعدما جرفتها السيول في إحدى أقنية الريّ الزراعية بالقرب من مسكنها. على الطريق الداخلي في الضبية، مشهد سوريالي، جسّدته نافورة شاهقة، بعد انفجار قسطل مياه في المحلة.

أما في بلدة قرنايل، فتسبّب المنخفض الجوي بانهيار أجزاء كبيرة من أحد الجبال وانجراف التربة، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من أشجار الصنوبر، تخطّى الـ100. أما بيروت، فكان لها نصيبها أيضاً، فرصيف الكورنيش البحري المواجه لصخرة الروش انهار جزئيا، كما لا يمكن نسيان مشهد السيارات التي غمرتها المياه في الكرنتينا، بعد فيضان نهر بيروت.

على طريق نهر الكلب ما عبدا المشمّر، انهيار صخري كبير أدّى الى قطع الطريق. في منطقة وادي شحرور، فيديو مرعب التقطه امرأة  تسكن في المنطقة، يظهر مشاهد لتشقّقات كبيرة في الطريق وتصدّعها.

كل هذه المشاهد والاضرار وفصل الشتاء لا يزال في منتصفه وما هو آتٍ ينذر بالأسوأ. وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية قالها صراحة من ضهر البيدر، الطريق المهدد بالانهيار الكامل، أنه اذا “لم تكون موازنة وزارته للعام 2024 حوالي 350 مليون دولار، فلن تتمكن الوزارة من صيانة الطرقات وسنشهد على انهيارات طرق عدّة”، داعيا لاعلان حالة طوارئ لكل الطرقات.

ولم يكتفِ حميّة بهذا الكلام، بل عاد وكرّر النداء في منشور له على منصة “إكس”، حيث لفت الى أنه “منذ العام ٢٠١٩، لم تجر الصيانة على الأوتوسترادات والطرقات المصنفة ضمن نطاق الوزارة، وفي مقدمها طريق ضهر البيدر، والأسباب المالية أصبحت معروفة.

وتوجه بالمنشور مناشداً المعنيين: “صيانة الطرقات لا تقل أهمية عن الصحة والكهرباء وكل ما يحتاجه المواطن، لا بل أن هذا كله لا يفيد إن زُهقت الأرواح على الطرقات لا سمح الله”.

التحذيرات المتكررة لحميّة ليست مستغربة أبداً، فمن يراقب العمل على الارض، يعي حجم الكارثة. الامكانيات شبه معدومة، والطرقات منهارة والازفلت بات مادة نادرة و”الترقيع” بالباطون سيد الموقف.

في حديث لمنصة “نقِد”، يلفت مؤسس جمعية اليازا زياد عقل، الى أن السلامة المرورية ليست مربوطة حصراً بصيانة الطرقات، انما هي عنصر من عناصر احترام قانون السير.

ويشير عقل الى أن سنة 2018، موّل البنك الدولي مشروعا لصيانة الطرقات في لبنان بقيمة 200 مليون دولار تقريباً، الا أن ادارة المشروع لم تكن سليمة ولم يتم صرف مبالغ كافية للصيانة.

ويضيف: “منذ حوالي سنة ونصف او سنتين، تم تحويل مبالغ لصيانة الطرقات لكن تدهور قيمة العملة الوطنية أثّر سلباً على العملية والصيانة شملت عددا قليلا من الطرقات”. ويشدّد عقل على أنه “نكرر يومياً النداء لوزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة الداخلية لتأهيل الطرقات وتطبيق قانون السير حفاظاً على السلامة المرورية”.

وتشير آخر الاحصاءات، الى أن 13 شخصاً قتلوا وجُرِحَ 103 في 88 حادث سير منذ بداية العام 2024 حتى يوم 22 كانون الثاني.

وبالتزامن مع الحديث عن الطرقات والبنى التحتية والحفر والصيانة، ثمّة موضوع مترابط يثير الريبة. وزير الاشغال العامة والنقل علي حميّة قال أن وزارته بحاجة لـ350 مليون دولار لصيانة الطرقات. هذا في السلم، فما الحري بالحرب؟ أأحد منا فكّر بكلفة الحرب، في حال امتدت من الجنوب وشملت الاراضي اللبنانية كافة؟ أتذكرون حرب تموز 2006 ومليارات الدولارات التي رصدت لاعادة اعمار لبنان؟

هذا بالنسبة للطرقات والصيانة واعادة الاعمار. فماذا عن تكلفة الطبابة والتموين والكهرباء والاتصالات ومقومات العيش؟ كيف ستؤمنها الدولة حينئذ؟

خطران ينتظران لبنان في المرحلة المقبلة اذا: موسم الشتاء الذي لا يزال في بدايته وما قد يكون له من تداعيات واضرار، والحرب الدائرة على الحدود الجنوبية وما قد ينجم عنها من اخطار في حال توسّعها. فكيف سيواجه لبنان كل هذه التحديات. وهل تقع الكارثة على رؤوس اللبنانيين ويتركون لمصيرهم كما جرت العادة؟