انتهت الأعياد وحان وقت العودة إلى الاغتراب

أبريل 12, 2024

A-

A+

الحقائب وضِّبت. اللبنانيون المغتربون في طريقهم الى بلدهم الام للقاء أحبائهم في العيد، هم الذين اختاروا تمضية عيد الفطر في لبنان. فالعيد هنا له سحره. وهذا ما تشير اليه الارقام التي سجلها عداد مطار بيروت منذ قرابة الاسبوعين، اذ ان حوالي 20 الف وافدٍ يومياً اتى لبنان لتمضية عيد الفصح المجيد، وعيد الفطر. فالعيد لا يمكن ان يمر دون جمعات العائلات وتبادل الاحاديث والغوص في الذكريات، وممارسة عادات لا تليق سوى بلبنان وأهله.

الا ان طيف الغصة يبقى حاضراً دومًا. فاللقاءات ستنتهي مع اقتراب وقت اقلاع الطائرة من مطار رفيق الحريري الدولي الى اقطار العالم كافة. فأي بلد لم يتكحّل بوجود لبنانيّ هارب من الحرب والقلق، يبحث عن مقومات عيش أفضل؟

اي بيت لبناني لم يذق طعم الغربة؟ في الماضي كانت الحرب، ومنذ ٢٠١٩ حرب سياسية اقتصادية شتت ابناء البيت الواحد. فالى متى سيبقى اللبناني مغترباً، زائراً وعابر سبيل في وطنه؟

تشير الأرقام انه خلال عام 2023، وبظل ال الأزمة المالية التي شهدها اللبنانيون، هاجر من لبنان حوالي 180 الف مهاجر مقابل 59000 سنة 2022… ارقام كبيرة، خصوصاً ان بغالبيتهم من الفئة الشابة الباحثة عن العلم والعمل.

من الطبيعي ان يكون لبنان وجهة سياحية يقصدها السواح العرب والأجانب، من كل صوب.  ولكن! ان يصبح هذا “اللبنان” محطة عبور لأهله، فالامر مستغرب وغير طبيعي!

للاسف هذه هي الحال اليوم، سواح لبنان وزواره اصبحوا نفسهم السكان الاصليون. والسبب يعود كون الحرب في غزة قد أثّرَت على حركة السواح الاجانب القادمين الى لبنان، سلباً. والأزمات الواحدة تلو الأخرى ساهمت في تحويل الوطن الى “فندق”، تارة يعم بالنزلاء وتارة اخرى فارغ وبارد.

لبنان خليط ثقافة وحضارة، من يزره يدرك فعلاً خاصية هذا البلد العربي، ذات الهوى المنفتح، هو بالنسبة للغريب حالة فريدة فكم بالحري بالنسبة لابنائه؟

فإلى متى سنبقى مغتربين عن وطننا؟

الى حين جعل لبنان اولا مساحة آمنة، يسود فيها الأمن والامان. شعب قوي وجيش اقوى، وضبط كل سلاح متفلت.

حينها لا بد للاستثمارات ان تجد أرضها الخصبة في بلد عرف الازدهار فترات طويلة.

الى متى سنبقى مغتربين عن وطننا؟

سنبقى مغتربين الى حين تبيان الحقيقة في جريمة تفجير مرفأ بيروت، واعادة الحياة اليه: مرفأ للتصدير والاستيراد وخلق لفرص العمل.

سنبقى مغتربين عن وطننا، طالما ان حدودنا مستباحة والتهريب أمر واقع.

سنبقى مغتربين، طالما ان أرباب العمل في بلدنا يستغلون حاجة الموظفين لديهم لاي مدخول، عبر اعطائهم ما لا يكفي حاجاتهم الاساسية. سنبقى مغتربين لا مكان لنا ما دام  وطننا يحتضن ملايين الغرباء، على اعين المنظمات الدولية المرحبة والداعمة.

سنبقى مغتربين كلما تذكرنا اننا خلال الانتخابات النيابية السابقة وضعنا قوتنا في غربتنا بحثاً عن طبقة تفهم هواجسنا، توصل صوتنا، الا ان ابناء وطننا فضلوا الابقاء على طبقة هي بمعظمها شاهدة على اكبر الازمات التي وصل اليها البلد…

سنبقى مغتربين، مشردين ومتروكين في غياب لأي قانون اصلاحي اجتماعي يعد بحياة كريمة وبضمان للشيخوخة.

سنبقى مغتربين، كلما ادركنا ان القرار ليس لحكامنا وان الخارج هو المتحكم بأمرنا.

سنبقى مغتربين لطالما لا رئيس لبلادنا، وحكامنا جلّ ما يقومون به هو اقرار موازنات وفرض ضرائب وسرقة اموال الشعب!

الاغتراب ليس فقط البعد الجغرافي عن البلد الذي ننتمي اليه… من قال ان اللبناني القاطن في بلده وبين أهله ليس “بمغترب”؟ سنبقى جميعنا مغتربين الى حين عودة الوطن الينا!