


رسالة منّي أنا المؤمنة إلى شادن فقيه
مايو 11, 2024
A-
A+
إن هذا المقال لا يعبّر إلا عن آراء كاتبه
تحتل اليوم٬ شادن فقيه، الممثلة الكوميدية، عناوين الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار فيديو من “ستانداب كوميدي” ليكون عرض إساءة للذات الإلهية والدين الإسلامي على خشبة تعرٍ فكري.
زعم البعض ان الفيديو قديم، وتم اعادة نشره ودسّه لاثارة البلبلة في الوسط العام وتشتيت الانتباه عن القضايا الحالية التي كشفت أزمة فعلية بالسلطة او بالاجهزة، او بالمجتمع كقضية عصابة التيكتوكرز المتحرشين بالأطفال. إلا أن جريمة التحرش بالأطفال٬ بالنسبة لي ولكثر من المؤمنين٬ لا تقل خطورة عن جنح المس بالدين وإلا لما جرمها قانون العقوبات اللبناني الذي يشير بصريح العبارة في المادة ٤٧٣ الفصل الأول -الباب السادس (في الجرائم التي تمس الدين والعائلة) على عقوبة الحبس من شهر الى سنة كل من “جدف على اسم الله علانية”، والمادة ٤٧٤ ” من اقدم على تحقير الشعائر الدينية التي تمارس علانية أو حث على الازدراء باحدى تلك الشعائر عوقب بالحبس من ستة اشهر الى ثلاث سنوات”.
اذاً من الناحية القانونية البحتة، المدعوة شادن اقدمت على سب العزة الالهية، والسخرية من مقامات دينية اسلامية، والاستهزاء بمنسك الصلاة وخاصة صلاة الجمعة. وتباعاً واستناداً للنصوص القانونية المذكورة انفاً والواجبة التطبيق، تخضع المدعوة شادن المحاسبة والملاحقة القانونية.
أما من الناحية الأخلاقية والدينية، غيض من فيض، فالممثلة “اللاكوميدية”، تلجأ لأساليب أقل ما يمكن أن توصف بـالمبتذلة، لحدود دينية لا تصلح لأن تكون مواد كوميدية، ولا لأن تُبرر تحت راية حرية المعتقد.
فالدستور اللبناني وإن كان يقوم على احترام حرية الرأي والمعتقد في الطليعة، فالاحترام لا يبنى على تعرض وانتهاك لحدود الآخرين فكيف وإن كانت حدود الله؟ اهانة الاديان والمسّ والمعتقدات لا يخضع للقوانين التي تحمي حرية الرأي ووجود نص واضح وصريح يعتبر الإقدام على مِثل هذا الفعل هو جنحة يعاقب عليها القانون.
وبعد الغضب الشعبي وبتوجيه من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، تقدّم أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية الشيخ أمين الكردي، بإخبار ضدّ شادن فقيه بـ«جرم الإساءة والتجديف في حق العزّة الإلهية والرسول محمد عليه الصلاة والسلام والمسّ بالدين الإسلامي الحنيف وشعائره وإثارة النعرات الدينية والطائفية والنيل من الوحدة الوطنية«.
ان معاقبة شادن من قبل دار الافتاء كانت مساءلة قانونية تخضع لقانون العقوبات كون المدعى عليها قد خرقت الدستور اللبناني كما سبق واشرنا. وحيث انه لا محاسبة تفوق القانون، واتباع الوسائل القانونية المشروعة والمحمية بموجب الدستور وحسب الأصول هو السلوك الأمثل لمحاسبة مرتكبي الجرائم وليس شن حملات هجوم لإباحة ازهاق الارواح تحت أي مسمى. لذلك، استنكر حملات الهجوم المشنونة ضد شادن بهدف تحليل دمها أو التعرض الجسدي لها، ونقول ان القانون يعلو ولا يُعلى عليه.
وفي الختام أقول٬ إن موقفنا وان كان لا يمثل الجميع، فهو موقف القانون والدستور، ويتعدى حدود القانون ليرتقي إلى حد أدنى من الأخلاق والقيم والمبادئ التي لا يمكن أن تكون مدعاة للسخرية والتهكم. وإن كان ينقصنا الانتماء إلى القانون، وان لم تكن القوانين قائمة، فالاخلاق كانت وستبقى دائمة.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي