خسائر بـ١.١ مليار دولار.. من يعيد إعمار الجنوب؟
مايو 29, 2024
A-
A+
انتهاء الصراع والحرب على الحدود الجنوبية اللبنانية مسألة لا مفر منها، إلا أنه يتبادر إلى الأذهان تساؤلٌ حيال من سيتولى مهمة إعادة إعمار المناطق المتضررة. في ظل ما شهده لبنان من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، يبدو الطريق نحو الإعمار مليئاً بالتحديات والأسئلة المعقدة ومحفوفاً بالمخاطر.
بحسب تقارير وبيانات حكومية، فإن الخسائر التي تكبدها لبنان بعد مرور 6 أشهر على الحرب هي كالآتي: نزوح 91 ألف شخص من منازلهم، تدمير 1700 منزل بالكامل، تضرر 1500 منزل بشكل جزئي، وحرق نحو 10 ملايين متر مربع من الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض.
إن قيمة الخسائر الاقتصادية المباشرة اللاحقة بجنوب لبنان 360 مليون دولار، أما قيمة الضرر الاقتصادي غير المباشر اللاحق بلبنان يبلغ 1.1 مليار دولار، وذلك نتيجة تراجع حركة المطار وتراجع أعداد الوافدين من سياح مغتربين، إضافة إلى تراجع الاستثمارات.
عام 2006، كانت الدول العربية تلعب دوراً فعّالاً في دعم وإعادة إعمار الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية في بيروت. وكانت هذه الدول، بقيادة السعودية وقطر، تقف بجانب لبنان وتقدم الدعم المالي والمعنوي للمتضررين من النزاع وكانت تشكل احدى ركائز ودعائم للبنان وقت الحاجة. ولكن الواقع الحالي يظهر بوجود تحولات كبيرة في المنطقة وعلاقات القوى الإقليمية.
تاريخياً، لقد كان للجنوب اللبناني دور بارز في تاريخ لبنان والمنطقة، وكانت المنطقة مركزاً للثقافة والتجارة والسياسة. ومع ذلك، فإن النزاعات المستمرة والتدخلات الخارجية قد أضرت بشكل كبير بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، وخصوصاً بظل وجود ميليشيا عسكرية مهيمنة على المنطقة تحت غطاء المقاومة.
إلا أنه في ظل تصاعد نفوذ حزب الله وتورطه في عدة نزاعات إقليمية، بات من الصعب تخيّل تكرار سيناريوهات الماضي. العلاقات الدولية والتحالفات تتغير وتتبدل حسب المصالح التي تجمع الاطراف، وقد تكون الدول العربية أقل استعداداً لتقديم الدعم المطلوب في ظل التوترات الإقليمية الحالية، خاصة بعد الأزمات التي شهدتها وكانت يد حزب الله تعقد الصفقات -الصفراء- تحت الطاولة.
إن النزاعات التي سببها نفوذ حزب الله مع الدولة الحليفة أثر بشكل كبير على العلاقات الإقليمية والدولية للبنان. بالإضافة إلى ذلك، تغيرت الديناميات السياسية داخل لبنان نفسه، مما أدى إلى زيادة الانقسامات وتعقيدات عملية صنع القرار.
من الواضح أن البديل لا يمكن أن يكون مجرد الاستناد على المصادر الخارجية للتمويل والدعم، بل يجب أن تتخذ الحكومة اللبنانية خطوات جدّية نحو بناء قدراتها الوطنية والاستقلالية. فضلاً عن ذلك، يجب على لبنان أيضًا البحث عن آليات جديدة لجذب الاستثمارات الخارجية وتحفيز النمو الاقتصادي.
لذا، يتطلب الوضع الحالي البحث عن بدائل جديدة لإعادة إعمار الجنوب. يمكن أن تشمل هذه البدائل التعاون مع المنظمات الدولية والمؤسسات الإنسانية، بالإضافة إلى استكشاف آليات جديدة للتمويل تتيح للبنان الاستفادة من موارد دولية بمزيد من الشفافية والفعالية.
بمعنى آخر لا يمكن أن يكون مجرد ترك الأمور للمصادر الخارجية، بل يجب على الحكومة اللبنانية العمل على إيجاد حلول مستدامة لتأمين الإعمار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المناطق المتضررة. وهذا يتطلب تحسين الإدارة ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في عمليات الإعمار.
في النهاية، لا بد من النظر إلى إعادة إعمار الجنوب بمنظور شامل يأخذ بعين الاعتبار التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وإذا أراد لبنان تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار، فإنه يجب أن يكون قادراً على تحمل مسؤولياته الوطنية والدولية بشكل مستقل وفعال.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي