هل يحق للاجئين الفلسطينيين أن يكونوا صحافيين في لبنان؟
يونيو 1, 2024
A-
A+
لا يختلف كثيرًا حال الصحافي الفلسطيني في لبنان عن كونه لاجئًا بشكلٍ عام، فبالرغم من أن هناك الكثير من الفلسطينيين يمارسون مهن إعلامية صحافية وتحريرية أو يعملون في مجال التلفزيون والإذاعة، إلّا أنه لا يمكن النظر إليهم خارج إطار القوانين التي تمنع اللاجئ الفلسطيني من ممارسة عشرات المهن بما فيها مهنة الصحافة والإعلام، ويعمل هؤلاء الصحافيين جميعًا في إطار “غير قانوني” يحرمهم من حقوقهم الأساسية، مع دعوات مستمرة من صحافيين فلسطينيين، وحقوقيين الى ضرورة تنظيم هذا القطاع، ليتساوى الصحافي الفلسطيني بزملائه من اللبنانيين والأجانب.
الوضع القانوني للصحافي الفلسطيني في لبنان
قال المحامي فاروق المغربي الذي يعمل على القضايا المتعلقة بحرية التعبير ومراجعة قانون الإعلام والمساعدة في صياغته إن قانون المطبوعات اللبناني الصادرعام 1962 يُعرف الصحافي بأنه “كل من اتخذ الصحافة مهنة ومورد رزق، ويشترط في كل من يريد ممارسة مهنة الصحافة أن يكون لبنانيًا لأكثر من 10 سنوات، وأن يكون مسجلاً في الجدول النقابي للصحافة”.
وبالرغم من أن قانون المطبوعات وضع استثناء بالنسبة للأجانب، ما يزال الصحافي أو المحرر الفلسطيني محرومًا من حق ممارسة مهنة الصحافة نتيجة الشروط التي يجب توافرها بالأجنبي كي يستطيع ممارسة المهنة حيث ورد نصًا بحسب المادة 90 في قانون المطبوعات: “يجوز للأجنبي أن يمارس التحرير دون الانتساب للنقابة وله الحق بالبطاقة الصحافية كمحرر صحافي منحى عن الجدول ضمن الشروط التالية:
- أولاً: أن يكون مأذونًا بالإقامة في لبنان وبالعمل فيه.
- ثانياً: أن تكون قاعدة المقابلة بالمثل مطبقة بين بلده ولبنان.
ويعني ذلك أن الفلسطيني أمام عائقين هما، الحصول على إجازة عمل، ومبدأ المعاملة بالمثل، إذ أن لا بلد للفلسطيني اللاجئ ليتحقق هذا المبدأ، أما بالنسبة إلى الانتساب لنقابة الصحافة فلا يمكن للفلسطيني أو الأجنبي الانتساب إليها لأن القانون اشترط فيمن يريد امتلاك مطبوعة صحفية أن يكون لبنانيا ًفقط.
بدوره علّق الصحافي الفلسطيني المستقل عبد الناصر الحدري على قانون المطبوعات قائلاً: “أول حق للعمل الصحافي هو الانتساب للنقابة، نحن نتفهم بأن الصحافي الفلسطيني لا يحق له الانتساب للنقابة ولكن يجب على الأقل أن يُشرع له العمل بحرية أكثر ضمن الإطار الصحافي والإعلامي، لأن أكثر ما نحتاجه نحن كفلسطينيين هو نقل الصورة الواقعية الحقيقية للاجئين داخل المخيمات”. ولفت الحدري إلى أنه قد حصل على بطاقة صحافة دولية، إلا أن لبنان الذي ترعرع وعاش فيه لم يمنحه بطاقة عمل صحافية.
من جانبه يقول المحامي المغربي: “الحديث عن الوضع القانوني للصحافي الفلسطيني في لبنان ينقسم إلى شقين، الشق الأول هو عمل الفلسطيني بشكل عام، والشق الثاني موضوع الصحافة الفلسطينية أي أن الصحافي الفلسطيني الذي ولد في لبنان وترعرع فيه، له أحقية العمل إلاّ أن قانون المطبوعات وضع شروطًا أهمها أن يكون المنتسب لبنانيًا، وبالتالي لا يمكن للصحافي الفلسطيني الانتساب لنقابة محرري الصحافة اللبنانية”.
ولفت المغربي إلى أنه لم يصادف أي دعوى قضائية ضد أي صحافي فلسطيني لأن تغطيته مرتبطة بالشأن الداخلي ضمن إطار المخيمات الفلسطينية، مشددًا على أن القانون مجحف ليس بحق الفلسطيني فقط إنما على الأجانب بشكل عام.
أما الصحافي الفلسطيني أحمد ليلى فيروي قصته أثناء عمله في قناة القدس الفضائية، قائلاً: “عملت في قناة القدس الفضائية كمذيع أخبار ومقدم برامج لأكثر من ٥ سنوات، خلال عملي في القناة كنت موظفًا رسميًا ولكن بطبيعة الحال الوضع القانوني للاجئ الفلسطيني في لبنان غير ميسّر، وبالتالي فإن عملي داخل القناة كان يحكمه معايير خاصة، بمعنى أن العقد المبرم هو عقد خاص بيني وبين القناة وليس له علاقة بشروط العمل القاسية في لبنان ما سيكلف القناة مبالغ باهظة، فالقانون اللبناني مجحف بحق اللاجئ والصحافي الفلسطيني على حدٍ سواء”.
التحديات التي يواجهها الصحافي الفلسطيني في لبنان
يصف المحامي فاروق المغربي التعامل مع الصحافي الفلسطيني في لبنان بالتمييزي من جهة وضعه في المخيمات إلى وضعه في العمل.
ويلفت مدير مركز التنمية للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين سامر مناع إلى إن غياب تعريف “اللاجئ” ضمن التشريع اللبناني يضع اللاجئ الفلسطيني ضمن خانة الأجنبي، وهذا خطأ، لأن اللاجئ ليس أجنبيًا، فقد أتى إلى لبنان في ظروف استثنائية ووجوده يأتي خارج سياق العمالة الأجنبية، ويعيش في لبنان ليس كفرد إنما كمجتمع متكامل.
وفي السياق ذاته يصف الصحافي المستقل عبد الناصر الحدري القانون اللبناني الذي يحكم الصحافي الفلسطيني بأنه “أزمة” لأنه تارة يعامل الفلسطيني كلاجئ وأخرى كأجنبي، لذلك على القانون اللبناني أن يضع تعريفًا لكلمة لاجئ.
أما الصحافي أحمد ليلى فقال إنه يُعامل في لبنان كالأجنبي في وجوده ووضعه القانوني، ولكنه لا يتمتع بامتيازات الأجنبي من حيث الراتب، لافتًا إلى أنه لا يحصل على الضمان الاجتماعي الخاص باللبنانيين وحتى وإن حصل عليه لا يستفيد من امتيازاته لأن القانون اللبناني يحكم هذا الأمر.
وأضاف ليلى أنه خلال عمله في قناة القدس كان الوضع جيدًا نوعًا ما من حيث الراتب الشهري والتأمين الصحي، وبدل مدارس والسكن… ولكن الأزمة المالية الخانقة التي مرت بها القناة والتي أدت إلى إغلاقها دفعته للعمل كصحافي حر مع المؤسسات الخيرية والـ NGO’s، ما أدى إلى خسرانه للتأمين الصحي والراتب الثابت إضافة إلى بدل المدارس ما زاد من أعبائه. ولفت ليلى إلى أن غياب وجود قانون احترافي شامل ناظم للعمل الصحافي يزيد من الانتهاكات بحق الصحافيين ويتسبب “بالفوضى”.
من جانبها قالت الصحافية الفلسطينية ريان سكر العاملة في منصة كامبجي إن أبرز التحديات التي تواجهها ضمن عملها الصحافي هي أن فرص العمل للصحافيين والصحافيات من الجنسية الفلسطينية في وسائل الإعلام اللبنانية معدومة وإذا توافرت فإنها ضئيلة ولا تمتلك المميزات التي تُمكن الصحافي من تأمين متطلبات الحياة الأساسية، إضافة إلى شُحّ مصادر المعلومات بما يخص مجتمع اللاجئين الفلسطينيين.
وأضافت سكر أن الدخول إلى بعض المخيمات في أوقات الأزمات يُعرض حياتها للخطر بسبب غياب الحماية القانونية نتيجة حرمانها من الانتساب إلى النقابة.
لقانون لا يميّز بين الجنسيات
يؤكد المحامي فاروق المغربي الحاجة الى وجود نقابة صحافة تضم جميع العاملين والعاملات في المجال الإعلامي، على تنوّع خلفياتهم العملية والمهنية، وبغض النظر عن جنسياتهم.
ويلفت منّاع إن المجتمع الفلسطيني بحاجة الى محررين وصحافيين، لأن حجم المشكلات والقضايا كبيرة وكثيرة ويجب أن تُطرح في الإعلام، لذلك يجب أن يكون هناك تعديلات خاصة بالقوانين المرتبطة بقانون المطبوعات وتعديلات بالأنظمة الداخلية للنقابات من جهة الاستثناءات للصحافي الفلسطيني ما يتيح له الانتساب لها والتمتع بالحقوق التي يتمتع بها غيره من المنتسبين في هذه النقابات.
وفي السياق ذاته قال الصحافي المستقل عبد الناصر الحدري “إن المشكلة التي تنتصب أمام اللاجئ الفلسطيني الذي يريد ممارسة مهنة الصحافة هي نفس الإشكالية التي عانى ولا زال يعاني منها وهي اعتبار اللاجئ الفلسطيني أجنبيًا من نوع خاص، وهنا تكمن المشكلة الأساس بأن مطلب الصحافيين الفلسطينيين ليس الاستثناء وغض النظر عن ممارسة عملهم بقرارات إدارية بل بتشريعات قانونية تتعاطى مع الفلسطيني انطلاقًا من وضعيته القانونية كلاجئ فلسطيني لا ينطبق عليه قانون تنظيم عمل الأجانب. أمّا الإعلامي أحمد ليلى فطالب بضرورة وجود مؤسسات تعنى بحقوق الصحافيين وتهتم بحمايتهم.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي