بلباسٍ مدني يخطفونك من وسط الشّارع

سبتمبر 8, 2022

A-

A+

بلباسٍ مدني، يخطفونك من وسط الشّارع ومن قلب المظاهرات، لينكلوا بك على الطرقات وفي أماكنٍ لا تعرفها، مغمض العينين، مكبّل اليدين، لن تسلم من ظلمهم حتّى يخرج الدّم من فمك، إن سلمت.

أجهزة أمنية خلقت ووجدت للتضييق على المواطن في ظلّ أكبر أزمةٍ تمرّ عليه، كيف سيواجه اللبناني غلاء الأسعار والتضييق المعيشي وسرقة أمواله، بغير الكتابة والصراخ والتعبير عن الرأي؟

ما الذي قدمتموه لهذا المواطن المفجوع في ماله وأهله وبيته، حتى تلومونه عند كلّ كلمةٍ يقولها، وصرخةٍ تخرج منه بحرقة؟ هل عوضتموه عن منزله المدمّر وأبناءه المفقودين ومستقبله الضائع ؟ عن الغد الذي لا يعرف عنه شيئاً ؟ عن وديعته التي أصبحت بخبر كان ؟ كيف تواسوه وهو يرى وطنه موطن الأرز يدمّر على يد عهدكم وسياسييكم ؟

كيف تجرؤون على أذيته وأنتم الأفقر منه والأحوج منه للحريّة ؟ كيف تعذبوه وأنتم المعذبين فيما تبقى لكم من شبه وطن ؟ أوكلما أغاظكم شخص بفطنته وكلمته الحقّة لفّقتم له التُهم ؟

شتم رئيس الجمهورية ؟ أهان المؤسسة العسكرية ؟ تواصل مع العدو الإسرائيلي ؟ لوّح بيده لطائرةٍ إسرائيليّةٍ دخلت أرضه بخنوعٍ وجبنٍ منكم ؟ كتب على تويتر ؟ عبّر عن دمعه وحرقة قلبه بكلمات ؟

من نجا منكم استطاع أن يخبرنا حقيقة زواريبكم المقيتة، استطاع أن يروي لنا تجاربه معكم تحت التعذيب والاضطهاد والإهانات، استطاع أن يخبرنا وبالتفصيل كيف تعاملون النّاس هناك، بالمسبّات، والضرب، والإهانات، بالإكراه على الاعتراف، بالدّم السائح على أجساد الأشراف، أوكلما فتح حرٌّ فمه اتهمتموه بالعمالة ؟

كما حصل مع كيندا الخطيب، وزياد عيتاني، وآخرون استطاعوا أن يثبتوا لكم وللعالم، ضعف مؤسساتكم وحقدها ومقتها المهين.

استطعتم وبكلّ وقاحة أن تطالوا أبناء الجالية السورية الهاربين من أمثالكم من أبناء النظام السّوري، ناسين أنكم أنتم ذاتكم أحفاد هذا النّظام، بالهمجية والتّعتير !

حتّى أثبتم للعالم أجمع أنكم أسوأ جهاز أمني على وجه الأرض، مات الموقوف بين مخالبكم فقدمتم اعتذار، عن ماذا تعتذرون ؟ وماذا يفعل الاعتذار أمام فجيعة الموت ؟ الموت بالظلم والطغيان، والحقد والكره.

وماذا يفعل قاداتكم العليا كلّما اجتمعوا في اليرزة؟ يدرسون إطلاق النّار في المناسبات؟

نقول لكم تمادوا في ظلمكم وطغيانكم، ونكّلوا إلى جانب السّلطة بأقوى شعب وأعند كيان، سيسقط الظالم اليوم، كما سقط البارحة، وكما سقط في كلّ الأزمنة، والتّاريخ يشهد.