مخالفات وتهديد: مافيا المولدات تبتز الناس
سبتمبر 23, 2022
A-
A+
في بلد الأزمات، يعمد مزودو خدمة اشتراك الكهرباء في لبنان على رفع سعر “الكيلوواط” الواحد إلى أكثر من ضعف التسعيرة الموضوعة من قبل وزارة الطاقة اللبنانية، والتي تعممها عبر بلديات المدن والمناطق.
إذ تتسارع الازمات في لبنان وتعصف الاوضاع المعيشية المتردية بكاهل المواطنين لتحتل أزمة ارتفاع سعر اشتراك الكهرباء الصدارة. فهي حديث الساعة في كل الأراضي اللبنانية ليزداد قلقهم وهم على اعتاب فصل الشتاء وزيادة حاجتهم للكهرباء والتدفئة. وتنطلق صرختهم مع ارتفاع التسعيرة، وعدم التزام اصحاب المولدات باسعار البلديات.
وللعام الثالث على التوالي يعيش اللبنانيون في ظل انهيار مالي غير مسبوق، اعتبره البنك الدولي متعمداً، ومن أسوأ ثلاثة انهيارات مالية في العصر الحديث، نتج عنه ارتفاع نسبة الفقر إلى حدود الـ80 بالمئة، فكيف لمن لا يستطيع تأمين قوت يومه أن يدفع ثمن تبريد الهواء أو حتى تلطيف الجو لمواجهة حرارة الطقس.
أزمة الكهرباء ليست حديثة، إلا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة، وهي من الأسباب الرئيسية للانهيار الاقتصادي والمالي الذي وصل إليه البلد، إذ بحسب البنك الدولي ما يقارب من نصف الدين العام اللبناني أي حوالي 40 مليار دولار يعود إلى هذا قطاع.
وبعد انقطاع الكهرباء بشكل كامل على الأراضي اللبنانية بسبب توقف محطتين رئيسيتين عن العمل، نتيجة نفاد كميات المازوت. بدأت المخاوف تزداد من قيمة فواتير إشتراك الكهرباء وبعضهم حسم الأمر، بعد أن باتوا أمام خيارات صعبة، تتراوح بين الظلام أو فاتورة مولدات تفوق قدرتهم المالية، أما البعض الآخر فقد استغنى عن الاشتراك بالمولدات الخاصة، بتركيب طاقة شمسية، بعد اللجوء إلى أخذ قرض مالي.
يقول أحد أبناء مخيّم البداوي لللاجئين الفلسطينيين إنّه اضطرّ لقطع الاشتراك بعد أن بلغت قيمة الفاتورة 4 ملايين ونصف المليون ليرة لبنانية، في حين أنّ الاستفادة من الاشتراك لا تتعدى تشغيل إنارة المنزل والبرّاد فقط.
ووصف ارتفاع سعر الفاتورة بالجريمة. مؤكداً أنّ استعمال كهرباء الاشتراك، محصور فقط للضروريات. الّا أنّ رفع سعر الكيلو واط، جعل الأهالي غير قادرين على الاستمرار في الاشتراك، ما يعني التخلّي حتّى عن البرّاد والتلفاز، “وهي الأجهزة الوحيدة التي تعمل في منازلنا.” حسبما أضاف.
بدورها بينت الحاجة أم محمد أنها استغنت عن الاشتراك واستعانت بالطاقة الشمسية، لأن الأوضاع لم تعد تحتمل، وعندما ذهبت إلى صاحب الاشتراك طلب منها 3 ملايين ليرة مقابل 94 كيلو سحب، أي ما يقارب 22 ألفاً لكل كيلو واط، في حين أن تسعيرة الدولة هي 13.500 ليرة، مشيرة إلى أن الأوضاع تغيَّرت، ولا يمكنها أن تدفع ما قيمته نصف الراتب على الاشتراك، وهناك مصاريف أخرى من أكل وشرب وتعليم، بالإضافة إلى الدفعات الشهرية الأخرى كالانترنت، الذي تدفعه كل شهر.
من جانبها، عبرت سيدة تقطن في حي التنك بالقرب من منطقة البداوي عن استيائها من الوضع قائلة “إن انقطاع كهرباء الدولة تزامن مع موجة حر شديدة، وهذا السبب جعلني أفكر مرة أخرى في الاستغناء عن الاشتراك، لأن بيتي سقفه “زينكو”، ولا يمكننا تحمل الحرارة الشديدة، لكني أحاول قدر الإمكان أن أقنن في استخدام الاشتراك، لأنه ليس بمقدرتي دفع فاتورة كبيرة”، ومع ذلك، أتوقع أن تكون الفاتورة كبيرة، لسببين، الأول: هو غياب كهرباء الدولة كلياً، والثاني هو ارتفاع سعر الكيلو واط، ففي كل شهر، يقوم صاحب الاشتراك بزيادة سعر السحب على الكيلوواط، ولا أعلم كم ستكون التسعيرة هذا الشهر”.
عن هذه الأزمة المتفاقمة، والتي تتجاوز قدرة الكثير من اللاجئين على تحملها، قال أحد اللاجئين في مخيم البداوي، “نحن كلاجئين فلسطينيين بلبنان، محرومين من حقنا في الحصول على وظيفة مناسبة من شأنها ان تؤمن لنا أدنى متطلبات الحياة أو الدخل المناسب، في هذه الأوضاع الصعبة التي نمر بها، فإننا لا نستطيع تأمين قوت يومنا، حتى أطل علينا موضوع الاشتراكات التي أصبحت تفوق قدرتنا المالية بكثير”.
وحددت وزارة الطاقة اللبنانية، سعر الكيلو واط الواحد 13500 ليرة لبنانية، ولا يسجّل التزام بالتسعيرة الرسميّة في أيّ من الأراضي اللبنانية بما فيها المخيمات الفلسطينية، فيما تتباين التسعيرات المتبّعة بين منطقة وأخرى ومخيّم وآخر.
وما يلجأ إِليه بعد أَصحاب المولدات، هو التأخّر في تحصيل الفاتورة، ريثما يكون سعر صرف الدولار في السوق السوداء قد بلغ ذروته، ومن ثم يأمرون الجابي بالتّحصيل، على سعر صرف السوق السوداء في الذروة… ومهدّدًا بقطع الكهرباء عن غير المُسدّدين.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي