الوفد اللبناني “انبطح عالأرض عالفاضي”
أكتوبر 7, 2022
A-
A+
متسرعًا منقلبًا على رأسه، منكسرًا خائنًا لحدود الوطن، أعطى الوفد اللبناني ممثلًا بقيصر “هَوْ إلنا يا جنوب” الأبو صعب، أسهل صفقة تنازل وبيع للحدود اللبنانية، و نخّ العهد القوي متنازلًا عن ١٤٣٠ كلم٢ لصالح عدو دائمًا ما تُكفّر به المعارضة ويدّعون عمالتها معه.
والسؤال، هل فعلًا السلطة غبية أم كان ذلك “بيعة مسا” للدولة الإسرائيلية الذي يعترف حزب الله بكيانها اليوم أكثر فأكثر؟
للتوضيح أكثر حسب الرسم البياني أعلاه، هناك نقطة حدودية تُسمَّىB1، وهي بداية الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل وتمّ ترسيمها في الاتفاقيات الدولية عام 1923، وقد جرى تثبيتها وتعليمها كما حصل على صعيد الخط الأزرق. وهي كانت تفصل فلسطين عن لبنان منذ أيام الانتداب الفرنسي على لبنان والبريطاني على فلسطين، وقد تجاوزتها إسرائيل بحدود 35 متراً منذ مدّة طويلة، وهو ما يُعتبر اعتداء على السيادة اللبنانية.
الألف باء في ترسيم الحدود السيادية لدولة ما تنطلق من الحدود البرية أي رأس الناقورة في حالة لبنان أو ما يُعرف عنه بالخط ٢٩.
إن هذه النقطة مهمة جدًّا لأنّها تثبّت رأس الناقورة كمنطلق حدوديّ، وأمّا إزاحة النقطة B1 شمالاً فتُسقط عن رأس الناقورة دورها كنقطة حدودية. الأهمّ من ذلك أنّ اعتماد هذه النقطة، ومعها رأس الناقورة، يعني العودة إلى الخطّ 29، لأنّ ترسيم الحدود البحرية يأخذ بالاعتبار نقطة ارتكاز أساسية موجودة على البرّ.
افترس أبو صعب الأشوس فرسَ الانتصار قائلًا لم نتنازل عن متر من الناقورة، في وقت بدأ الوفد اللبناني في المفاوضات من الخط ٢٣، أي ٣٠ متر قبل رأس الناقورة. ما يؤشر إلى الخيانة الأولى على مقياس بيع حدود دولتنا.
إذن لا دولة تحترم وجودها وشعبها إلا وتبدأ بترسيم البحر من حدودها البرّيّة وهذا ما لم يفعله الشباب قط في الجنوب.
لزّم الإسرائيلي حقل كاريش لنفسه بتنازل منقطع النظير من الجهة اللبنانية. وقبل الوفد اللبناني بقطعة لا تُذكر من حقل قانا والذي سيدفع أقساط مالية مجبورًا لـTotal عند أي تنقيب أو استخراج. علمًا أن حقل كاريش مُستكشف أما حقل قانا لم يُتم استكشافه بعد.
ولمن هلّل على مدى أسبوع بالانتصار بهزيمته في خسارة الحدود، لم يدرِ أن المحكمة العليا في إسرائيل قررت وجوب مرور الاتفاق على الحكومة قبل أي قرار يؤخذ في ذلك. والكنيست اليوم مقسوم بين حزبين على المحك، ولا أكثرية مطلقة أصلًا لتقر بالاتفاق. إذن الوفد اللبناني الزنديق “تنازل عن أرضو عالبلاش” فهو يعلم علم اليقين أن الاتفاق لن يمر هناك.
ثانيًا، كيف يمكن لترسيم كهذا أن يحصل إذا لم يكن هناك أي بادرة تجاه اتفاق نووي يبرّد نيران المنطقة. فإذا لَم تأتي أُكل الاتفاق النووي، يعلم الاسرائيلي أنه السلاح الوحيد في الشرق لضرب إيران، فيما معاهدة الترسيم مع لبنان تطلب تطبيع غير مباشر وتعهد ضمني بالسلام من قبل الطرفين. لذلك، فالترسيم يقف قطعًا ضد المنطق إذا لم يكن هناك اتّفاق نوويّ.
إذن، أعطى الوفد اللبناني أحلى هدية ممكن أن يتوقعها الإسرائيلي، ومع ذلك “طلع من المولد بلا حمّص”. ومن قام بانتفاضة شباط ضد ١٧ أيار، وزّع اليوم على اتفاقية ١٧ أيار شوكولا للإسرائيلي.
وباختصار خسرنا رأس الناقورة-الخط ٢٩، وحقل كاريش، وأصبح هناك حاجز ترانزيت عند حقل قانا علينا، وذهب الوفد اللبناني زحفًا وانبطاحًا، وبهدل الأمة اللبنانية عندما رفض الاسرائيلي كل هذه الانبطاحات والتنازلات وفشل الترسيم.
لم تبدأ المفاوضات أصلًا إلا بألف باء التنازل، وتخيلوا معي مات الاتّفاق “وانبطح الوفد اللبناني عالأرض عالفاضي”.