‎عن السلطة ومشاعر الكراهيّة والهشاشة النفسيّة

ديسمبر 2, 2022

A-

A+

بلد ينهار في الدقيقة الواحدة ألف مرّة، جرائم وسرقات، أزمة مصارف، وقضاء معطّل، بلديات مفلسة، والنفايات مكدّسة على الطرقات، أعلى مستويات البطالة، تخلّف ورجعيّة، إرهاب ومسلحين، قمع وتجويع، ترهيب وخنقٌ للرأي العام.

‎كلّ هذا لم ينتبه له وزير الداخليّة في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي عندما أصدر قراره القاضي بمنع تجمّع المثليين، لأنه كان ولم يزل يرى أنّ حرية الأشخاص والتنقّل والتجمّع بسلميّة تامّة، قد تشكل خرقاً للآداب العامّة. يريد هذا الوزير، أن يشغل منصباً أكبر من منصبه، يريد التحكّم بالنّاس حسب معتقداته وطريقة تفكيره، يمنع تجمّع فئة من المواطنين اللبنانيين بناءً على ميولهم الجنسيّة، في بلدٍ يعدّ الأخطر على الإطلاق، أمنياً واقتصادياً وأخلاقيّاً.

هل يعلم الوزير مولوي مهام وزارته؟ غير قمع الحريات طبعاً …

ولكن لا بد من أن نستذكر بعضاً من هذه المهام

أولاً السهر على حفظ النظام والأمن، وهذا ما لم نلتمسه في عهد مولوي، فمع صدور أحكام القمع والتحريض، لا بدّ لنا من أن نشهد جماعات مسلحة تخريبيّة تنتشر على الطرقات، وتمزّق اللوحات والإعلانات، مسببةً حالة فوضى وهلعٍ محليّة، وهي مطمئنة أشدّ الاطمئنان، لأنها توافق سياسة الوزير في القمع والترهيب.

ثانياً، الإشراف على أمور المحافظات والأقضية والبلديات واتحادات البلديات والصندوق البلدي المستقل والمختارين والمجالس الاختيارية وسائر المجالس المحلية المنتخبة أو المعينة، وهذا ما لم يعمل به الوزير، تاركاً وراءه فساد البلديات والمحافظات الأمر الذي دفعهم لاستيفاء رسوم من المواطنين لقاء رفع النفايات من أمام المنازل، مشاعات مسروقة، وموظفين لم يستوفوا رواتبهم على مدى عدة أشهر، وجمعيات محليّة تساعد البلديات لعجزها أمام الواقع الراهن، والوزير يتخبّط بقراراته التي تبعد كلّ البعد عن وظيفته التي عيّن من أجلها.

ثالثاً، على الوزارة أن تهتمّ بشؤون اللاجئين وشؤون الدفاع المدني والآليات والسير، وإذا أردنا أن نوصل حجم المأساة في هذه القطاعات فلمن سنوصلها؟ للمواطن الذي ضاق ذرعاً بعدما خنقته الأزمة؟ وماذا توفر الوزارة اللاجئين؟ وما هي خطتها في إيجاد حلّ جاد وجذريّ لما نحن فيه؟ وماذا بشأن متطوعي الدفاع المدني؟ والحرائق في كلّ عام؟ وقصور الوزارة في تلبية نداءات الاستغاثة.

الجدير بمولوي أن يركّز على ما هو مهمّ، وأن يدرك حجم الرجعيّة والتخلّف الذي يبني عليهم قراراته، وحجم الإرهاب الذي نظر إليه العالم به عندما اتّخذ هكذا قرار.

‎ولكن لحسن الحظّ، مجلس شورى الدولة في 1/11/2022 أردى المولوي ضحيّة عنصريته بعدما قضى المجلس بوقف تنفيذ قرار مولوي، وقد جاء هذا القرار نتيجةً للطعن المقدم من منظّمتا “المفكرة القانونيّة” و”حلم”.

‎الجدير بالمولوي في هذه الحالة الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان أن يعي حقيقة وجوده وحجمه الحقيقي، وأن يعمل جاهداً على حماية المستضعفين، لا ترهيبهم في دولة اللادولة.

‎منذ متى تقوم الدولة بالتفرقة بين النّاس وتمنع تجمعهم وتقيّد حرياتهم بناءً على مقاييس جندرية وجنسيّة؟ وهل قرارات الوزراء تبنى على الدستور أم على مشاعر الكراهيّة والهشاشة النفسيّة؟

‎ومنذ متى يحق لمن هم مثل مولوي أن يصبحوا وزراء؟ ألهذه الدرجة أصبح لبنان بلداً رجعيّاً ومتخلّفاً؟ وإلى أين يريدون للبناننا أن يصل؟