


مئوية الفراغ مئوية الجحيم
فبراير 13, 2023
A-
A+
‘صارو مية’، هذه المرة ليست احتفالاً بمئوية لبنان ولن تكون تحية تقدير للفن اللبناني بل هي ذكرى وتذكير على الفراغ الرئاسي الذي دخل اليوم يوبيله الذهبي في ظل انهيار الليرة نحو ادنى مستوياتها وتحليق الدولار صعوداً آخذاً معه اسعار المواد الغذائية والمحروقات والدواء والاستشفاء والكهرباء وكل مقومات الحياة في هذا البلد.
100 يوم على انتهاء عهد جهنم ودخولنا في المجهول ولم يتغير شيء على المشهد السياسي اللبناني سوى تسارع وتيرة المناكفات والصراعات بين الاطراف المنقسمة بالعلن الملتقية بالخفاء على اعادة ترتيب مصالحها وكيفية استمرارها في الحكم، طالما ان موقع رئاسة الجمهورية اصبح صورياً بعد اتفاق الطائف الذي قلص الكثير من صلاحيات الرئيس التي انيطت بدورها لمجلس الوزراء مجتمعاً والدليل هو نجيب ميقاتي الذي تحدى ميشال عون شخصياً وعقد اكثر من اجتماع تحت ما يسمى بالضرورة.
امور كثيرة حصلت خلال هذه الايام المئة، بدأت مع مشكل الحرس القديم في برنامج صار الوقت وكمية الاستفزاز التي قام بها مناصرو التيار الوطني الحر حينها، الاخضاع بالتعطيل وهي استراتيجية اعتمدها حزب الله كي يحافظ على دولته وسلاحه غير الشرعي والهدف منها تعيين رئيس دمية بيده، قدرة نبيه بري على تطيير اي جلسة منعقدة بلا اي وجه حق فقط لاعتقاده ان مجلس النواب هو بيت أبيه، مروراً بالتخبط والانقسام بين نواب التغيير الذين لم يستطيعوا فرض مرشح واحد ولم يلتقوا على اسم محدد وبالتالي تكون هذه فرصة اخرى ضائعة وخيبة امل لكل من اعطاهم الثقة بصوته بعد فرصة المشاركة في اللجان النيابية وقرروا عدم المشاركة في انتخابات اللجان لسبب لا نزال نجهله، وصولاً الى الهستيريا القضائية التي حصلت في الاونة الاخيرة ومحاولة الالتفاف على تحقيق انفجار 4 اب.
وسط جنون هذه العاصفة ومشهد الغيوم السوداء التي تلبدت في سماء الوطن مبشرة بشتاء قارص وصعب على جميع الاصعدة، برزت حقيقة واحدة ناصعة يجب التوقف عندها الا وهي ترشح ميشال معوض بشكل جدي وواضح وضوح الشمس متسلحاً بخطاب جامع منفتح بعيد عن التطرف والغاء الاخر، وعرض برنامج عمل شامل على رأسه التمسك بمبدأ السيادة وتحييد لبنان عن صراعات المحاور. يليه موقف علني حول سلاح الحزب غير الشرعي بعيد عن الرمادية كما شدد على استقلالية القضاء والقضاة واستمرار التحقيق في ملف انفجار المرفأ بهدف الوصول الى العدالة، بالاضافة الى رؤية اقتصادية تكفل حماية اموال المودعين من دون اللجوء الى خصخصة اصول الدولة وخطة انمائية تنهض بالبلاد في الست سنوات القادمة.
لم يكترث معوض الاوفر حظاً حتى الان بلعبة تطيير النصاب التي لوح فيها الثنائي او هرطقة حرق الاسامي بل استمر في معركة الاستحقاق الرئاسي ليحصد 49 صوتا توزعوا بين القوات والكتائب والاشتراكي والمخزومي واشرف ريفي و بعض التغييرين اي ما يعادل 45 % من اصوات النواب واستطاع بترشيحه تشكيل نواة معارضة حقيقية تفرض توازن قوى جديد على الساحة السياسية.
بعد 100 يوم على الفراغ، هناك نواب معتصمون في المجلس منذ 3 اسابيع بغية اعادة اعتبار الدستور وعدم السماح بضرب المؤسسات الدستورية والابقاء على سياسة اذلال اللبنانين لأن المعركة ليست معركة ميشال معوض بل هي معركة مشروع سيادي اصلاحي للحفاظ ما تبقى من هذا الوطن وحماية شعب استنزفت طاقته حتى اصبح لا يهمه من مواصفات الرئيس شيء سوى ان يكون “صنع في لبنان”.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي