انه عصيان مدني وليس شرخاً طائفياً
مارس 28, 2023
A-
A+
لطالما كان لبنان البلد العربي الوحيد المتميز بتعايش جميع الطوائف فيه من دون تمييز وهو البلد الذي صدّر الى الخارج العلم والثقافة والادمغة اللامعة في مختلف مجالات.
ولطالما كان البلد المشهور بالسياحة والمقصد من قبل الاجانب والعرب ولطالما كان البلد المعروف باقتصاده الحر والنظام الرأسمالي الذي اتاح الفرص للاستثمار فيه من قبل شركات اجنبية وعربية وشرع ابواب التجارة والاستيراد من اهم الماركات العالمية وهذا ما جعل منه بلداً مشهوراً بأناقة مواطنيه اينما حلوا. اصبح اليوم لبنان خارج التاريخ بعد استشراس الفساد الذي طال كل مؤسسات الدولة وادى بها الى انحطاط كامل يرجعنا الى القرون الوسطى. كما ان وجود بعض الاحزاب المتسلطة والمتفردة بقراراتها جعلت منه بلداً منفياً بعض الشيء.
فالاصلاحات المطلوبة لنهضة هذا البلد لم تنفذ ما جعل منه بلداً منهاراً اقتصادياً وعلمياً وثقافياً وقضائياً وسياسياً بوجود بعد الزعماء والسياسيين الفاسدين الذين اوصلوا لبنان الى هذه النقطة. وآخر فصل من فصول رجال الدولة العظماء القرار الذي اتخذه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري بعدم المضي بالتوقيت الصيفي من دون مشاورات.
قسمت مذكرة رئاسة الحكومة الآحادية او بالاحرى الثنائية لبنان طائفياً ومذهبياً وفكرياً انقساماً مقيتاً، وأحدث إرباكًا غير مسبوق في مختلف القطاعات، وفصلته عن الساعة العالمية وما خلفته من فوضى، فهو ابعد من مخالفة لبنان الوقت وخروجه من المدار الدولي الى تمرير رسالة وصفقة وفر لها التوقيت الغطاء المناسب ونجح معدو السيناريو في اصابة الهدف. المعركة اشتعلت وانخرط فيها اللبنانيون منقسمين غير مدركين الكميدة التي مفادها تهميش الدولة ومؤسساتها والخلاصة في ذلك “الامر لي”.
وسرعان ما تحول هذا الانقسام لعصيان مدني على خلفية هذا القرار الذي اتخذ، وحصل انقساماً لا يمكن وصفه بالطائفي ترجم بعدم الالتزام بالتأجيل والسير بالتوقيت الصيفي في الؤسسات والمدارس والابرشيات ووسائل والاعلامومعظم القطاع الخاص .
ان العصيان المدني الذي حصل نهاية الأسبوع الماضي أبعد بكثير من مجرد رفض قرار سخيف لسلطة بهلوانية، بل إنه دليل إضافي يؤكد أنّ وحدة الشعب بوجه السلطة كفيلة بقلب كل المعادلات. فبعد ما قال ميقاتي منذ ساعات “ما اتخذ قد اتخذ” تراجع تحت ضغط الناس والشركات وكل القطاع الخاصّ. ما حصل يجب أن يتكرر في كل لحظة ومقابل كل قرار اعتباطي غبي أو كل انتهاك للسيادة وكل ارتهان للخارج.
وأخيراً وبعد عدم الامتثال لدردشة بري ميقاتي، وخصوصاً رفض شريحة كبيرة من جميع الطوائف، وبعدما باتت معظم المدارس والمستشفيات، والمحلات التجارية، والاعلام يتبع التوقيت الصيفي، خضع نجيب ميقاتي لرغبة الشعب وعاد عن قراره الذي نفذه بأمر من بري. وهذا بحد ذاته مخالف للقانون ولمبدأ فصل السلطات.
بالمقابل وللمرة الثانية، فشل بري بتمرير ما يريده. في المرة الأولى من قبل نواب المعارضة الذين رفضوا تأمين النصاب لجلسة نيابية يتم التجديد من خلالها للواء عباس ابراهيم، واليوم بالضغط الشعبي سقط تمديد التوقيت الشتوي.
واليوم، وبعد الجلسة الحكومية، أعلن نجيب ميقاتي أن “المجلس قرر اعتماد التوقيت الصيفي اعتباراً من ليل الأربعاء – الخميس المقبل”.