ايادٍ خارجية تصنع “رئيس لبنان”

أبريل 6, 2023

A-

A+

في العصر الجديد لا يكمن الانتداب في وجود عسكري لدولة في دولة اخرى، بل يكفي وجود سلطة سياسية خانعة خاضعة لارادة دول اخرى، وأفضل مثال لسلطة سياسية خائنة تعمل لدى الخارج هي السلطة السياسية في لبنان، فمكونات الطبقة الحاكمة في بلدنا مؤلفة من احزاب وهذه الاحزاب لكل منها مشغل خارجي يمرر مصالحه من خلالها، فلا حاجة لعسكري واحد او قطعة سلاح واحدة لاحتلال بلدٍ ما بل سياسي واحد يلعب دور البيدق وما اكثرهم في لبنان.

تاريخ لبنان ببعديه البعيد والقريب شهد انتدابات من كثير من الافرقاء والجماعات، خلال توالي العصور، خضع لبنان لموجات من السيطرة الخارجية لشعوب ودول أتت من كل الأصقاع، ومنهم قدماء المصريين والآشوريون والبابليون والفرس والإغريق والرومان والعثمانيون والفرنسيون والسوريون.

لبنان من انتداب الى اخر

سيطر العثمانيون، مطلع القرن السادس عشر (العام 1516)، على جميع الأراضي الواقعة ضمن الجمهورية اللبنانية اليوم، وذلك لمدة اربعمائة سنة، سنّوا خلالها الأنظمة العسكرية والأمنية والإدارية والاجتماعية لتحسين البلاد وتنظيمها.

وبعد إنشاء المتصرفية اللبنانية، استعملت عبارة «لبنان» استعمالًا رسميًا، غير أن اللبنانيين عانوا كثيرًا من الحكم العثماني في الربع الأول من القرن التاسع عشر، خصوصًا قبيل انتهاء الحرب وجلاء العثمانيين أواخر العام 1918.

وفى فترة ضعف الدولة العثمانيّة أخذت الدول الأوروبيّة الكبرى تتصل بالقوى المحليّة فى لبنان، وبدأت تحرضهم ضدها لتنال من ضعفها، كما أن بعض القوى المحليّة أخذت تتصل بالدول الأوروبيّة لتدعم مكانتها المحليّة ضد القوى المحليّة الأخرى المنافسة لها.

وبقى لبنان تحت الحكم العثمانى حتى نهاية الحرب العالمية الأولى حيث انسحبت القوات التركية وتنازلت عن لبنان للفرنسيين. واحدث الاحتلالات كان الاحتلال السوري للبنان الذي دخل تحت حجة انهاء الحرب اللبنانية فما كان منه الى ان انقضى على لبنان وسيطر عليه منذ عام 1976 الى الـ2005 وما قام به بعض سياسيي لبنان هو التعاون مع الاحتلال السوري من اجل كسب بعض المناصب السياسية.

رئيس يأتي باشارة خارجية لا اصوات نيابية

بعد الحرب الاهلية لم يأتي رئيس الا باشارة من الخارج خاصةً خلال الاحتلال السوري حيث انتخب الياس الهرواي بإشارة من السوريون، كما انتخاب اميل لحود بضغط سوري، اما بالنسبة لميشال سليمان فتم انتخابه عبر اتفاق الدوحة بعد احداث عسكرية عرفت باحداث 7 ايار. انعقد مؤتمر الحوار الوطني اللبناني في الدوحة في الفترة ما بين 16 و 21 أيار 2008، بمشاركة القادة السياسيين اللبنانيين الأعضاء في مؤتمر الحوار الوطني، والذين أكدوا التزامهم بإنقاذ لبنان وإنهاء الأزمة السياسية الحالية وتداعياتها، والتي لها عواقب وخيمة على التعايش والسلم الأهلي بين اللبنانيين والتزامهم بالمبادئ التي كرسها الدستور اللبناني واتفاق الطائف. ونتيجة لهذا المؤتمر، وكذلك الاجتماعات الثنائية والجماعية والمشاورات بين رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية وجميع الأطراف التي شاركت في هذا المؤتمر، تمكنت الأطراف من التوصل إلى اتفاق الدوحة وتم على اثره انتخاب رئيس للبنان.

رئيس لبنان الجديد ليس بعيد عن الاشارة الخارجية

فشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية بعد 11 جلسة انتخابية، وطبعاً هذا الامر له دلالات ان الخارج لم يعطِ اشارة بعد لانتخاب رئيس للجمهورية. ومع استدعاء فرنسا لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لبحث الملف الرئاسي وتقديم فرنجية ضمانات عن بعض المسائل كعدم زيارة سوريا الا بموافقة اغلبية اطراف السياسية  في حال تم انتخابه رئيس للبنان دليل ان الاستحقاق الرئاسي بعيد كل البعد عن اللبننة.

بالنسبة لاخر المستجدات الرئاسية على صعيد المبادرات الدولية، جال الوفد القطري على عدد من المسؤولين والمرجعيات اللبنانية، وتشير المعلومات إلى أن الوفد القطري نقل معلومات واضحة ان المملكة العربية السعودية تضع “فيتو” على أي رئيس تابع لمحور المقاومة، وان اي ضمانات يقدمها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للسعودية لن تؤخذ بعين الاعتبار كون في ما مضى قام رئيس الجمهورية السابق ميشال عون بتقديم ضمانات للسعودية لكنه لم يطبق اي منها.

وتعتبر السعودية ان اتفاقها مع إيران لن يغير نظرتها للبنان من ناحية ضرورة وجود رئيس يقوم بالاصلاحات المطلوبة، السعودية تقول بشكل واضح انها لا تريد رئيس من 8 اذار لكن لا يعني بالضرورة ذلك الاتيان برئيس معادٍ لحزب الله.

ان الموقف القطري قريب للموقف السعودي وترى ضرورة الاتيان برئيس توافقي قادر على انقاذ البلد وهي ترى بقائد الجيش مواصفات الرجل المطلوب من ناحية الشفافية. اما بالنسبة لفرنسا فالمعلومات تنقسم حول زيارة فرنجية لها، فالبعض ينقل ان فرنسا جدية بالسير بسليمان فرنجية بسبب العلاقات بينها وبين حزب الله التي اصبحت اكثر حرارة من علاقة فرنسا بالموارنة، اما البعض الآخر يرى ان زيارة فرنجية لفرنسا هي لطي صفحة ترشيحه والانتقال الى أسماء اخرى، وجميع المعلومات تشير ان المبادرات الجديدة الني تقام حول انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لا تتضمن اسم سليمان فرنجية.

من المؤكد ان رئيس لبنان ليصل الى قصر بعبدا من الضروري ان يمر بالقنوات الخارجية والا ان وصوله يعتبر من المستحيلات، مما يسمح لنا بالقول ان رئيس لبنان يصنع على ايادي خارجية.