عن حب لإمرأة “تكبرني” في زمن الشدائد
أغسطس 10, 2022
A-
A+
الجميع بحاجة إلى الحب والشعور بأنه موجود في هذه الحياة، ولكن أحياناً ينقلب هذا الشعور الجميل إلى كارثة حينما تكون العلاقة غير متكافئة أو نتعلق بأشخاص يسببون لنا المتاعب في حياتنا، ولكننا لا نستطيع اتخاذ قرار التخلي عنهم!
هناك حالة من الإحباط الفظيع التي حقنت أيامي الأخيرة بقلق مرعب وأغرقتني باضطراب غير خاضع للتبسيط. ما العلاج؟ “هي” العلاج.
هل تعلم ان تجاهلها لي يدمرني كل يوم؟
اشعر ان طعم يومياتي شبيه بالطعام الذي تمّ تسخينه عدّة مرّات، ففقدَ أيّ نكهة. أنا متعب، متعب جدا، وأصبحت بحاجة ماسة الى بعض من حنانها للاستمرار بهذه المسرحية الازلية المسماة بالحياة. تزدادُ في نفسي وتتعاظم تلك الحاجة مع مرور الأيام.
عندما شارف لقاءنا الأخير (والوحيد) على الانتهاء شعرت وكأنها وقفت على حافة مشاعري، واستجمعت قوتي وذاتي، وقالت “وداعاً”. وداعاً وليس إلى اللقاء!
“أؤمن بأن العلاقات بين البشر لا تقاس بالحب بقدر ما تقاس بالأمان، الحب يتوهج ويخبو أحيانا أما الأمان فهو شعور دائم متصل، أن أستأمنك على عيوبي وزلّاتي حتى على تلك الأشياء التي أخاف قولها لنفسي، ألا أشعر أنني بحاجة اختيار عطر أغلى أو أخفي ندبةً على وجنتي فقط لأنني أخشى تشوه صورتي لديكِ”.
انني بحاجه لشخص عندما أخبره أنني لست مرتاحاً يقول لي أنه يعلم وأنه يحبني بما أنا عليه. مع العلم انني وجدت كلمة السر المتمثلة بهذا الشخص… وجدتها لكنها رفضتني ورمتني أضعف مما كنت عليه قبل رؤيتها.
انا كزهرةٍ بحاجة الى أن تُسقى بمياهٍ مليئة بالحنان والطمأنينة، وهذه المياه موجودة بداخل تلك الامرأة الثلاثينية ولكنها أشعرتني مراراً وتكراراً أنني لا شيء يذكر، وكم كان ذلك مؤسفا.
ولكن فكرة أنني متعلق بامرأة ثلاثينية تقلقني بشكل مخيف، كيف لطالب جامعي على مشارف دخول العقد الثاني من عمره ان يطمح لبناء علاقة عاطفية مع امرأة تكبره قرابة الخمسة عشر عاماً!؟ ما التفسير المنطقي لهذا الشعور يا ترى؟ أفضل بصراحة عدم الإجابة على هذا السؤال وان تبقى اجابته غامضة تفاديا للأسوأ. ولكن هل الهروب من تلك الإشكالية المحورية يعتبر علاجاً لحالتي المرضية؟ طبعاً لا.
أشعر أنني مسجون في غرفةٍ سوداء في آخر مخيلتي، انا موجود في عالم مليء بالغموض وبأسئلة لا إجابة لها: لماذا أنا هنا؟ اين كنت قبل ولادتي؟ اين سأذهب بعد رحيلي عن هذا الكوكب العجيب؟
شعرت حينما رأيتها للمرة الأولى داخل إحدى قاعات المحاضرات في الجامعة كأنها انتشلتني من تلك الغرفة السوداء الى مكان ساحر مليء بالحياة.
كان يعلو وجهها ابتسامة أم. ابتسمت بوجهي. شعرت كما لو أنها أمي. راقبتها وأنا أقول لنفسي: إنها تشبه أمي، تمنحني حناناً فظيعا! هل أنا أبحث عن أمٍ بديلة أو عن شريكة؟ ماذا أريد من هذه الامرأة؟ لماذا لا أعود الى عزلتي المحبّبة؟ لا أعلم. أرتاح لمجرد التفكير بها.
تلاحقني فكرة الرحيل، لكن ما إن رأيتها شعرت بأنني يجب أن أبقى على خشبة المسرحية. لا أدري السبب، ربما لأنها تحمل في داخلها حنان كنت أبحث عنه. ما هذه الحياة العبثية التي تثير الضحك؟
أتخيلها فأكتب، أحوّل أفكاراً تدور في مخيلتي الى صور كلامية. أنتقل الى عالمها متخيلاً أنها تقرأ كلماتي. لكنها بعيدة عني. عندما رأيتها خلال لقاءنا الأخير شعرت أنه بإمكاني انتظار نومي الأبدي كما يفعل الجميع عوضا عن استباقه. الآن وأنا أفكر بها أشعر كأنها أمي.
إنها تمدني بقوة مدهشة ما إن أفكر بها. لقد أيقظتني من عزلتي. أحاول أن أنساها، فأعود لعزلتي قلقا. لم أتعلم كيف أفرح. ربما لأنني لا أريد. أشعر أن هذا الكوكب ليس كوكبي. أريد أن أبقى وحيدا في عزلتي.
تمر الأيام فأغدو عاشقاً لامرأة ثلاثينية، ثم تجلدني الفكرة. الوقت يبدو بطيئا في مخيلتي. ولكن ربما تكون هذه الامرأة شخصية افتراضية اخترعتها لمعالجة كآبتي وبهدف الشعور بأمان مزيّف؟ … أنا البائس العالق داخل أسوار هذه المسرحية الأزلية.
الأكثر قراءة
- في فلسطين ولبنان حضانة الأطفال بعد الطلاق: رحلة الأمهات نحو العدالة فريق منصة نقِد
- أنغامي تعاقب اللبنانيين على أزمتهم أنطوني بركات
- لقاح لأمراض القلب والسرطان: خبر حقيقي أم آمال كاذبة؟ فريق منصة نقِد
- الحضانة للأمهات: “للموت” يخترق حواجز المحاكم الروحية خلدون جابر