عن سيرك المناورة… سلاح تشويش على الداخل لا على اسرائيل

مايو 25, 2023

A-

A+

منذ عدة أيام و أحاديث اللبنانيين تصب على المناورة العسكرية لميليشيا حزب لله، حيث يمكن الإعتبار بأن هذه المناورة أشبه برسالة داخلية. وككل رسالة عليها أن تحمل مرسلاً، مرسلاً إليه، مضمونًا ووسيلةً وتوقيتاً كي تكون ناجحةً وأتمت مهمتها بتوصيل ما تريد مجموعة الموت الأصفر من توصيله.

إن المرسل فهو واضح، ميليشيا إتبعت سياسة الموت وتعويم الفاسدين لتأمين غطاء سياسي لسلاحها غير المبرر، أما مضمون الرسالة متشعب لكثرة الرسائل المبطنة لخصوم وحلافاء كثيرين. أثبت لنا حزب لله أمورًا عدة أهمها حالة التضييق التي تطاوله إما من حلفائه وإما من خصومه. فالمناورة كانت رسالة واضحة لكلاهما بحيث كانت تهديد باستخدام “فائض قوته” في الداخل كما الخارج، وللحلفاء دعوة للعودة تحت جناحيه قبل أن يمسي مصيرهم كمصير أخصامه.

ما يستطيع المشاهد الإستخلاص من هذا الحدث، هو كيف إستطاعت أغلبية الأنظمة العربية وغيرها من دول العالم الثالث الحفاظ على إستمراريتها بسياسات فاشية شديدة التطرف تبيد ما تلتقيه أنظارها من خصوم وحلفاء في بعض الأوقات. والنقطة الأهم والتي يجب التسليط الضوء عليها هي تناقض السرديات مع الواقع الملموس، فعلى عكس السرديات التي نجح حزب لله بزرعها ضمن صفوف شبابه و حتى خصومه بأنه وترسانته  يتمتعون بفائض من القوة والعدد والعتاد والخبرة والتطور، فقد جسدت هذه المناورة نقيض السرديات التي سادت بين اللبنانيين منذ عقود بحيث إن معظم الأسلحة التي وجدت على ساحت المناورة  كانت من طراز VZ.58 مصنوعة من قرابة القرن و التي سبقتها أسلحة أخرى شديدة التطور والدقة والفتك. وإن أمعنا النظر بعض أفراد الميليشيا استعملوا خلال المناورة بندقية M4، أميركية الصنع، فكيف على الطامحين بالإنقطاع إقتصاديًا عن الولايات المتحدة و محو الشيطان الأكبر تمتين إقتصاده عبر شراء أسلحة منه؟

حتى إن المناورة لم تخلو من بعض الأخطاء البصرية وأخطاء من الأفراد أثناء إتمامهم للحدث، نستنتج بأن خبرة جنود حزب لله أقرب لها من خبرة المهرجين بالبنادق والعلم العسكري. خلال المناورة، انتشرت صورة لأحد عناصر حزب لله وهو يمسك سلاحاً للتشويش على المسيرات و كانت هذه من أهم الصور التي وضعت حزب لله في “هالة من القوة” نظرًا لغرابته ولكن إن قمنا بالبحث عن قطع التشويش هذه نرى بأن السلاح مجموعًا لا يساوي أكثر من مئة دولار ولا يجدي في التشويش سوى على الهواتف الخلوية. والمضحك، وخلال استعمال هذه المعدات، أقدمت مسيّرة اسرائيلية على خرق الأجواء اللبنانية والتجسس على حفل التهريج من جول علم “الحزب” ومن دون اسقاطها.

ومن يسألنا متى سنتكلم عن رسالة حزب لله لإسرائيل، فنطمئنكم بألا رسالة كانت لإسرائيل طيلة هذا “السيرك”، لأن الأكيد بأن إسرائيل تعلم قدرة حزب لله العسكرية وهو يعلم شديد العلم عدم قدرته على مقاومتها، هذا وإن كانت مقاومتها على لائحة أعماله المليئة بعمليات القمع والترهيب في الداخل اللبناني.

الأكيد بأن رسالة “الحزب” أتت في توقيت مدروس يستفيد منه، والأكيد أن المعركة الرئاسية لها دور أساسي في هذه المناورة لمحاولة ترهيب الجميع و ليضع نفسه في صورة سيد الموقف و صانع القرار ليحاول رد حلفائه المشتتين إلى كنفه ورصّهم للسير بمرشحه.

إمتلأت المناورة بالمضامين المعلنة والمبطنة، وطالت جميع الفئات اللبنانية، الحلفاء للميليشيا الصفراء قبل خصومها و لكن يمكننا الإستنتاج  بأن حزب لله يعتمد على شريعة الغاب في سياسته بحيث أنه يحاول أن يكون الأقوى كي يملك القرار، وحالما إستشعر بالتهديد إتبع حالة الهجوم والدفاع للحفاط على نفسه.