في زمن النفور الاجتماعي والتعصّب المناطقي والعنصرية المفرطة
مايو 31, 2023
A-
A+
تعرض شابٌ في الأشرفية – بيروت، للملاحقة والمضايقات المسيئة بسبب شكله أو لبسه المختلف، ليس بخبرٍ بسيط أو عابر، والتعرض لسيدة وزوجها على البحر في صيدا بسبب المايو “غير المحتشم” الذي يختلف عن “عادات ودين” المنطقة، هو حدثٌ يستحق أيضاً التوقف عنده، خصوصًا أنه أخذ منحى طائفي مناطقي ومواجهة وتجمُّع أمام شاطئ صيدا العام.
واللائحة تطول في العديد من الأحداث المشابهة خصوصاً تلك القائمة على سبب الإختلاف، بين جماعات لبنانية، على اعتبار أن التعديات لا تنتهي عندها، تبدأ من أكبرها “غزوة عين الرمانة” وتُستكمل في التعدي على شاب يعود إلى بيته في شارع الجميزة ليلًا.
يواجه المجتمع اللبناني العديد من التحديات السوسيولوجية في السنين الأربع الماضية، فيما يُبلَّغ في كل يوم عن العديد من التعديات على أفراد أو جماعات في المناطق اللبنانية.
إن هذه الأعمال ليست بعادية، صحيح أن لبنان مجتمع مركب، لكل جماعة فيه هويتها الثقافية الخاصة التي تسعى للحفاظ عليها. لكن مع إشتداد الأزمات السياسية في البلد المتنوع ثقافيًا وطائفيًا، يشتد تقوقع كل جماعة مخافة من تهديد الفئات الأخرى لها. وفي ظل الفوضى التي تعم البلاد، تستشرس الأقليات المتناحرة فيه التي أنهكتها الأزمات السياسية والإقتصادية والمعيشية، في الدفاع عن نفسها خوفًا من الآخر.
طبيعة هذه الأعمال بدأت تتكشف في الكثير من الحالات، عبر العودة إلى الأمن الذاتي داخل المناطق المتداخلة، العراضات العسكرية وخطابات التهديد، التشدد الديني والفكري في العادات والممارسات، العنصرية المفرطة تجاه الأجانب والنازحين أو حتى على المواطنين “الغريبين” عن المنطقة.
كل هذه الأعمال لا تنذر إلا بنتيجة واحدة، المزيد من الشرخ الإجتماعي القائم على التعددية ما يؤدي إلى نزاعات طائفية وجماعية قد تولد حرب أهلية أو تدفع بالبلد نحو التقسيم.
الخوف من الآخر، والسعي إلى شد العصب الطائفي الجماعي الخاص بكل فئة من هذا المجتمع، يعيد بنا إلى الخلف بدل التقدم والسعي إلى العيش بسلام ورخاء، فتمتع كل جماعة بحريتها محتمة تحت سقف القانون.
بإختصار إن الوضع السياسي والإقتصادي كل ما إزداد تعقيدًا، إرتد بشكل سلبي على المجتمع ومكوناته التعددية، وكلما ما كان الإستقرار هو السائد، ترتاح الجماعات فيما بينها وتسعى إلى المزيد من الرخاء بعيدًا عن العصبيات الطائفية والجماعية.
وأمام سيناريو اليوم، الإستقرار السياسي الإقتصادي المعيشي مدخل للحل، فيما الإستمرار على هذا الحال يدق ناقوس الخطر على آفة إجتماعية خطيرة، تداعيتها قد تكون كبيرة، خصوصًا في حال أرادت إحدى الأطراف إستغلال الشرخ والأزمات السياسية والمعيشية لأهداف تدميرية، تضرب لبنان وشعبه وتدخله المزيد من المآسي والصراعات.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي