لبنان الرئاسة: بين كواليس الخارج و مسرح الداخل
يونيو 7, 2023
A-
A+
سبعة أشهر مرّت على لبنان بفراغ الرئاسة الأولى و رأس الدولة وسلطتها، و كأن الجسد هذا مع كل ما إصطحب معه من علل قادر على العيش من دون رأس يديره و يرشده نحو الخلاص. لقد إعتاد اللبنانيون على الفراغ لا حبًا به، بل لأن حكامه غالبًا ما ينتظرون كلمة سرّ من دولة أو أخرى ما جعل عهود الفراغ تفرض وجودها بين عهد حكم وآخر، فربما هؤلاء الحكام نَسوا أم تناسوا بأن القرار الوطني يُصنع في الوطن ولا يؤتى به من جيوب الخارج.
لا نسمع في نشرات الأخبار، لا نقرأ في الصحف، و المواقع ولا نستمع من فلان و علتان إلا أن لا رئيس للبنان من دون أن يأتي القرار من دولة أو مجموعة دول، ولا إسم لهذا الرئيس فمانح هذا الإسم هو أيضًا الخارج، فكيف لنا أن نحكم أنفسنا ونحن غير قادرين على إنتخاب رئيس لجمهوريتنا؟
كثرت المزاعم والأقاويل في الفترة الأخيرة عن دعم دول لأسماء مطروحة للرئاسة، وكذلك وردت الكثير من الأخبار عن تسويق تقوم به دول لأسماء قد تكون مكسبًا لها في حال وصولها للرئاسة خدمةً لمصالحها في لبنان و المنطقة، عدى عن الإجتماع الخماسي المشهور وما يتبعه من جلسات و لقاءات خماسية و رباعية و ثلاثية و ثنائية أخرى، كلها محاولات لإيجاد إسم يتربع على كرسي بعبدا الشهير.
ولكن أغلبية هذه الدول قد نسيَت بأن الإسم لن يشكل تغيير جذري للمعضلة اللبنانية، بل المشروع الذي يحمله الرئيس المقبل كبرنامجه الإنتخابي فهذا ما سيشكل تغيير للوضع اللبناني الحالي. فإن كان المشروع هو نفسه مشروع الإنبطاح أمام الحزب و سلاحه، إذ كان المشروع هو دولة ضعيفة مرتهنة للدويلة، دولة تصدير الكابتاغون و الأيديولوجيات التي لا تضر إلا لبنان و مصالحه فلا حول ولا قوة وما أجمل الفراغ أمام هذا المشروع ومن يمثله من رئيس و تحالفات. أما إذا كان المشروع هو مشروع لبنان المستشفى والمدرسة والجامعة والسياحة والخدمات و لبنان الحيادي ولبنان اللقاء و الإلتقاء بين الشرق والغرب و لبنان الحوار والتطور فأهلًا بهكذا مشروع مهما من كان إسم حامل هذا المشروع. وهذا ما لا يفهمه الخارج وربما ليس له ذنب، فالدولة لا تفكر إلا في مصالحها ولكن هذا ما لا يفهمه حكامنا، فلا أحد يفهم ما يجب فهمه.
إن مسألة إنتخاب رئيس جمهورية للبنان بقرار لبناني لا يتطلب سوى دعوة من رئيس مجلس النواب اللبناني فيحضرون النواب اللبنانيين كافو وينتخبون رئيس لبناني و مشروعه اللبناني، ولكن لا زال حكامنا يراهنون على الخارج و مرتهنون له منتظرون التحولات في المنطقة و هم ناسون بأن لبنان آخر الهموم لدى الخارج نظرًا لما يحدث في الآونة الأخيرة من أزمات إقتصادية و حروب، فالكواليس ممتلئة بالنصوص ولكن لا نص للبنان و مسرحه أضحى لممثلين فاشلين ينتظرون كتابة أدوارهم بأقلام خارجية.