القطاع الخاص ينفض غبار الأزمة عنه: “الدولة مش موجودة”

يوليو 4, 2023

A-

A+

سنتان على الازمة الإقتصادية التي عصفت بلبنان ولم تتحرك السلطة السياسية لاتخاذ اي تدبير ممكن ان ينقذ شعباً بأكمله من نيران الازمة الاقتصادية، بل العكس اتخذت السلطة السياسية وضعية المتفرج وكأنها غسلت يديها من كل ما يحدث من ويلات على مواطنيها علماً ان الازمة الاقتصادية سببها هذه السلطة السياسية نفسها نتيجة هدرها للمال العام وسمسراتها في الصفقات العمومية.

امام كل هذا، يقف القطاع الخاص حائراً محمَّلاً باعباء الأزمة الاقتصادية وتوضع العراقيل امامه. ففي كل الدول التي تعتبر ناجحة اقتصادياً يكون النجاح اساسه القطاع الخاص. في دول العالم المتقدمة والمتطورة، تحاول قدر الإمكان بالعمل على دعم وتطوير هذا القطاع، إلا في لبنان، حيث تصرّ الدولة اللبنانية والسلطة الحاكمة بضرب هذا القطاع عبر خلق الازمات الاقتصادية وعدم اخذ أي اجراء لحل الوضع الإقتصادي وتأمين الاستقرار السياسي.

جذور الازمة… والحلول

تعود الأزمة في لبنان بشكل خاص الى السياسات المتبعة من قبل السلطة الحاكمة، حيث قامت بشكل خاص في نهب أموال المودعين في السنين الماضية، واتباع هندسات مالية فاشلة وبذخ الأموال من خلال الدعم العشوائي على بعض المنتجات منها الكاجو وعدم ضبط الحدود غير الشرعية، اضافةً الى غياب السياسات الاقتصادية الجدية حيث لا تقوم الدولة بدعم القطاع الخاص لخلق مشاريع اقتصادية جديدة تنعش الاقتصاد وخلق فرص عمل لفئة الشباب.

لعب عدم الاستقرار السياسي والصراعات الإقليمية، دوراً مهمّاً في تفاقم الأزمة المالية في لبنان، من خلال إعاقة النمو الاقتصادي، وتبديد الموارد، وصعوبة تنفيذ الإصلاحات والحصول على المساعدات الدولية. وأدّى الجمع بين الاعتماد المفرط على الديون، والافتقار إلى الإصلاحات الهيكلية وسوء الإدارة والفساد، إلى عاصفة كاملة خلّفت هذه الأزمة. فالبلاد تتمتع بنظام سياسي معقّد ومنقسم بشدة، ما أنتج افتقاراً إلى الحكم الفعّال، وأدّى إلى فشل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. وتفاقم ذلك بسبب الصراعات الإقليمية، ولا سيما الحرب الأهلية المستمرّة في سوريا، إذ تدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، ما فرض ضغطاً كبيراً على موارد البلاد المحدودة وأضعف اقتصادها، بالاضافة إلى عزل لبنان عن محيطه العربي والدولي، والتهريب غير الشرعي الذي تسبب بشح المواد من الأسواق ناهيك عن المحتكرين والمضاربين.

ما الحلول الوارد اتباعها؟

تشمل الحلول الممكنة للأزمة المالية في لبنان إعادة هيكلة الديون وتنفيذ تدابير التقشف، تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والمؤسساتية، الحصول على الدعم والمساعدات الدولية وإشراك القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب.

إن الحصول على مساعدة مالية من المنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي والدول المانحة الأخرى، من شأنه أن يساعد على استقرار اقتصاد البلاد وتمويل الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية. يشمل هذا الدعم دولاً مثل الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، وقد يأتي على شكل زيادة في الاستثمار والتبادل التجاري. من المهم ملاحظة أن الحصول على المساعدة والدعم الدوليين يتطلب من لبنان تلبية شروط معينة، مثل تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية ومكافحة الفساد، بالاضافة إلى توحيد سعر الصرف. كما أن عدم الاستقرار السياسي في البلاد والصراعات الإقليمية قد تجعل من الصعب الحصول على المساعدة والدعم الدوليين.

بالمقابل، يساعد تشجيع استثمارات القطاع الخاص في اقتصاد البلاد على خلق فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي. يمكن أن يشمل ذلك تدابير مثل الحوافز الضريبية للشركات وخلق بيئة أعمال أكثر ملاءمة. ويساعد جذب الاستثمار الأجنبي إلى اقتصاد الدولة، مما ينعش الدورة الاقتصادية. يمكن أن يشمل ذلك تدابير مثل تحرير الاقتصاد، وتحسين البنية التحتية للبلاد، وخلق فرص أعمال جديدة. من المهم ملاحظة أن القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب من المحتمل أن يكونوا مترددين في الاستثمار في البلاد بسبب الأزمة المالية وعدم الاستقرار السياسي وانعدام الشفافية في البلاد.

القطاع الخاص… يصارع

نرى اليوم أن القطاع الخاص يرفض الخضوع والاستسلام ونرى كيفية تمكن القطاع الخاص وخاصةً القطاع السياحي من استقطاب المغتربين والسواح في الموسم السياحي الصيفي مما يدخل إلى البلاد العملة الصعبة بعدما بات اقتصاد لبنان مدولراً بنسبة فاقت الـ85%، مما يساعد العاملين في هذا القطاع على الاستفادة والمحافظة على القدرة الشرائية، اما باقي القطاعات الخاصة فهي تحاول اقامة توازن بين حصولها على الربح وقدرة المواطن على الدفع. وأمام هذا الواقع، على الدولة اللبنانية المساعدة في تحسين ظروف القطاع الخاص، فلا دولة بدون اقتصاد ناجح ولا اقتصاد ناحج بدون قطاع الخاص. فمن الحلول التي يمكن تقديمها لمساعدة القطاع الخاص تبسيط إجراءات إصدار التراخيص اللازمة للمستثمرينِ المحليين والأجانب، تفعيل انجاز الأعمال الكترونياً، تسهيل حصول مشاريع الأعمال على القروض وتحسين فعاليّة برنامج الإقراض. وضع قوانين تشريعية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم.