تحرّش واغتصاب وقتل: كابوس يلاحق الأطفال في لبنان

يوليو 24, 2023

A-

A+

أسبوعٌ مليئ بالمفاجئات، تلك المفاجئات غير السّارة، التي تدفعنا للتفكير مليّاً في واقعنا الأخلاقيّ قبل الماديّ، والإنسانيّ قبل الاقتصاديّ.

اعتداء جنسيّ على الأطفال، بسلسلةٍ متلاحقة زمنيّاً، ألزمت الرأي العام للتفكير بهذه الحالات، والنّظر إليها كما لو أنها تحدث للمرّة الأولى.

الـPedophilia بحسب منظمة الصحة العالميّة؛ هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق، أو يكون بين قاصرين فارق العمر بينهما فوق الخمس سنوات.

وفي لبنان انتشرت حالات التحرّش واغتصاب الأطفال وأصبحت كابوساً يلاحقهم، فقد سجلت جمعية “حماية” في عامٍ واحد 2412 حالة عنف ضد الأطفال، 12 في المئة منها تحرّش جنسي و21 في المئة اعتداءات جسدية.

ولعلّ هذه الأرقام ستستمرّ في ظلّ الوضع الاقتصادي المزري الذي وصل إليه الشّعب اللبنانيّ، وانعدام القيم الأخلاقيّة والرّادع الإنسانيّ.

وليست المرّة الأولى، فقد شهد لبنان حالات متكررة طوال سنواتٍ طوال، فقد سجلنا حالتان في منطقة البازورية شرق صور الأولى، حيث اعتدى م. ع مواليد 1996على الطفل ع. س مواليد 2006

‎والثانية وقعت في حرش بيروت من قبل عامل في منتــصف الاربعينيات تحرش بطفل يبلغ من العمر 7 سنوات. واحداً من هذين المعتَدَين تم إطلاق سراحه بحجّة انه يعاني من كهرباء في الرأس…

ولعلّ هذه الجرائم انتشرت في العالم كلّه وليس في لبنان فقط، وهي لا تزال بازديادٍ وتفاقم، وأغلب الحالات لا يتمّ التبليغ عنها، فتموت ويبقى أثرها على الطفل، الضحيّة.

‎فقد كشفت وزارة الداخلية البريطانية أن عدد صور الاعتداءات على الأطفال المحالة إلى الوكالة الوطنية للجريمة قد ارتفع بنسبة 700% في السنوات الخمس الماضية.

وعالميّاً، صنّفت منظمة الصحة العالمية المغتصب بأنه شخص مضطرب سلوكياً وليس مريضاً نفسياً، وبذلك أكدت على ضرورة معاقبة المعتدي.

ودراسات حديثة أعلنت أنه يتم تسجيل حالة تحرش وإعتداء عبر الإنترنت كل 23 دقيقة! وعمالقة مواقع التواصل الاجتماعي هم المسؤولون عن ذلك بحسب الجمعية الوطنية لمنع العنف ضد الأطفال (NSPCC) وهذا ما يستدعي تحرّكاً عالميّاً للحدّ من هذا التصرّف، وتشريع قوانين فعّالة، والعمل على تطبيقها في أسرع وقتٍ ممكن، لما لهذه الاعتداءات من آثارٍ سلبيّة على صحّة الأطفال الضحايا.

‎الذين يظهرون خلال الستة أشهر الأولى من الحادثة. ردات فعل، منها العنف الشديد والتحرش بالآخرين واضطرابات النطق وفقدان الشهية والنوم الكثير والقلق والأرق والحركة المفرطة والتأخر الدراسي، أما على المدى البعيد فقد يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة واضطرابات نفسية وسلوكية مثل العدوانية وحالات الانطواء والخجل والعزلة الاجتماعية والخوف والتوتر والاكتئاب”.

وبالنسبة للقانون اللبنانيّ، فتعاقب المادة 505 من قانون العقوبات اللبناني كل من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تنقص عن خمس سنوات، ولا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره، ومن جامع قاصراً أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين الى سنتين.

‎أما المادة 506، فتنص على أنه إذا جامع قاصراً بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة أحد أصوله شرعياً، كان أو غير شرعي أو أحد أصهاره لجهة الأصول، وكل شخص يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدم أولئك الأشخاص، عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة.

وفي سعيها للإصلاح والمتابعة، تستوجب المادة (6) من القانون من وزارة الشؤون الاجتماعية تأسيس صندوق لدعم ضحايا التحرّش الجنسي، ومنع حصوله، وإعادة تأهيل المتحرّشين، من خلال مخصصات سنوية من الميزانية، وتبرّعات، و10% من الغرامات المحصّلة من المُدانين بموجب القانون.

‎تشير المادة (3) من القانون الجديد إلى وجوب اتخاذ خطوات لحماية الضحية والشهود خلال التحقيقات والمقاضاة

ولكن بالرغم من كلّ هذه المواد، والإجراءات التي لم تنفذ ويُعمل بها في كثيرٍ من الحالات، تبقى المسؤولية الأولى للأهل، الذين يتحملون عبء المراقبة والإرشاد، وحماية الطفل من جميع أنواع الاعتداء والتحرّش، خاصّة أنه وفي ظلّ اللادولة واللامظام، تكثر الأعمال “الحيوانيّة” لغياب الرّادع، ولتغلّب الغريزة على جميع القواعد الأخلاقيّة والإنسانيّة والدينيّة.