


هلع الباربي ومازوشية السلاح
أغسطس 11, 2023
A-
A+
بينما تنشغل حكومة نجيب ميقاتي بفيلم باربي الشديد الخطورة ! في الوقت ذاته تشهد الطرقات الداخليّة بين القرى اللبنانيّة حركةً كبيرةً لشاحناتٍ تحمل الذخيرة والسّلاح لأهدافٍ مشبوهة.
لا بأس، طالما أنّ حكومة ميقاتي العتيدة ترى أنّ فيلماً سينمائيّاً عالميّاً ورديّ اللون، يعرض في صالات السينما ويحظى بضجة عالميّة قد يدمّر القيم المجتمعيّة.
ولكن من المؤكد أنّ هكذا حكومة لن تترك الأمر وستتحرّك بكامل أجهزتها لو لاحظت شاحنات محمّلة بدمى باربيّ، أو قطع “كيك” على شكل قوس قزح، فالأهمّ هو حماية القيم المجتمعيّة.
فطالما أنّ حزب الله ومن معه، بعتاده ومقاتليه وأجهزته العسكريّة وصواريخه ودبّاباته وطائراته، لا يشجعون الحركة النّسويّة والمثليّة الجنسيّة، فكلّ ما يقومون به من قتلٍ واستباحة للدولة والحدود وخرق للسيادة، لا بأس به، فهو لا يشكّل خطراً، كما فيلم باربي المذكور.
وطالما أنّ خطاب نصر الله الأخير موالٍ ومؤيد لقرارات حكومة ميقاتي العتيدة، بشخص وزير داخليتها بسّام مولوي، فلا خلاف ولا اختلاف بين الجهتين.
فالأهمّ هو حماية القيم الاجتماعيّة!
وإذا أردنا أن نفصّل مفهوم القيم المجتمعيّة، فلا نرى مجالاً للشرح والاستطراد، فالقيم باختلاف أنواعها لم تعد موجودةً في المجتمع اللبنانيّ، فكلام الحكومة ونصر الله وكلّ من سبقهما وسيلحقهما هو كلامٌ لا قيمة له ولا وزن.
فالقيم عادةً تنتشر وتتطور في المجتمعات السّليمة، لا المجتمعات العليلة والمريضة كما المجتمع اللبنانيّ، الذي فقد قيمه بفعل تسلّط السّلطة وغياب النّظم الديمقراطيّة، وقمع الشّعب ومنعه من التعبير عن رأيه.
أيّ قيمٍ هذه وقد مزّقت النّاس في عاصمتهم، وفقدوا أحبّتهم ومنازلهم، أيّ قيمٍ هذه التي يسعى ميقاتي للحفاظ عليها وقد تقتل وأنت في منزلك فقط لأنك كتبت مقالاً تنتقد به السّلطة أو الحزب، أيّ قيمٍ هذه التي تلحظها الحكومة ولا نلحظها وكلّ منطقةٍ تسعى جاهدةً لفصل نفسها عن المنطقة المجاورة لها، أيّ قيمٍ هذه التي دفعتكم لقتل المتظاهرين وأذيتهم وقمعهم في السّاحات العامّة، أيّ قيمٍ هذه التي جعلتكم رهائن بيد ميليشيا إرهابيّة بإقرار المجتمع الدّوليّ، أيّ قيمٍ هذه التي جعلتكم دمى “باربيّ” بيد حزب الله، يضع من يريد ويزيل من يريد، يخطف من يريد ويذبح من يريد، يغتال الجمهوريّة القويّة، ويضع مكانها تمثالاً أبكم، ويغتال من بعدها الحكومة المعطاء، ليضع مكانها تمثالاً أطول بقليل.
أيّ قيمٍ هذه تضحكون بها على الشّعب الجائع؟ المقهور والمغمور بالحاجة والعَوَز؟
هل أصبحت غرف نوم النّاس في منازلها محطّ أنظار الحكومة؟ في ظلّ الفراغ الرئاسي والانهيار المالي والاقتصادي والاغتيال الأمني والعسكريّ؟
أم أصبح طريق القدس يمرّ من أفران pain d’or؟
أصبحتم أضحوكة، كمن يمسح يديه بالمناديل المعطّرة وهو غارق في مستنقع من الأوحال!
إلا إذا كنت وصاحبك، تنتمون حقّاً وبالفطرة، لهذا المستنقع.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي