


فقاعة المصارف انفجرت بوجه اللبنانيين
مارس 16, 2023
A-
A+
بعد سنين من إتباع نهج سياسي سيئ وبعد أن إستشرى الفساد، والمراهنة على إستثمارات محفوفة بالمخاطر والإنفاق المفرط للطبقة السياسية، أتى اليوم الذي إنفجر فيه الوضع الإقتصادي، حيث أصبح مستحيلاً العيش في بلد لا يتسن لمودعيه الوصول إلى مدخراتهم. بلد إرتفعت فيه معدلات البطالة والفقر إلى نسب مخيفة وما رافقها من تدهور في الأوضاع الإجتماعية والأمنية والسياسية.
شركاء عدة مسؤولين عن تدمير إقتصاد البلد من الحكومات المتعاقبة والطبقة السياسية، إلى البنك المركزي الراعي الرسمي للهندسات المالية السيئة، وطبعاً المستفيد الكبير وهي البنوك التي أخذت أرباحاً طائلة قبل بداية الأزمة في 2019.
في تصنيف للأزمة الإقتصادية في لبنان، إعتبر البنك الدولي أن أزمة لبنان الإقتصادية قد تكون من ضمن ثلاث أسوء أزمات شهدها التاريخ الحديث، متهماً الطبقة السياسية بالفساد على مدى عقود، الأمر الذي أودى بالبلد ليشهد أسوء أزمة مالية في الزمن المعاصر.
وفي تقرير لها حمّلت الأمم المتحدة مصرف لبنان والقطاع المصرفي مسؤولية الأزمة الإقتصادية والمالية. كما صرّحت أنه كان يمكن تجنب هذه الأزمة لو أتبعت بعض السياسات الحكومية الإنقاذية.
فبعد الحرب الأهلية اللبنانية أتى إتفاق الطائف الذي أعاد إنتاج النظام السياسي نفسه. نظام بنى إقتصاد البلد على المديونية بجزء أساسي، فأصبح الإعتماد على العلاقات السياسية الخارجية وما يمكن أن تستقطبه من تدفقات خارجية لدعم إقتصاد البلد.
ففي إطار خطة إعادة الإعمار وتمويل العجز العام والعجز التجاري، كان الهدف جذب رؤوس الأموال. فتم تحرير رأس المال، أي دخول وخروج رؤوس الأموال بدون قيود، ومعه تحرير النظام الضريبي. وقام البنك المركزي بتسهيل العملية برفع معدل الفائدة التي جذبت إستثمارات وودائع من مختلف أنحاء للعالم، في هذه الفترة شهد القطاع المصرفي إزدهاراً الذي إنعكس إيجابياً على البلاد.
كل هذه الأموال صرفت على تطوير القطاع العقاري والمالي التي كانت أموالهم سريعة، ولكن إستقطاب هذه الأموال كان يحتاج لشبكة مصالح وعلاقات سياسية، الأمر الذي إقتضى ببقاء السلطة كل هذه المدة في الحكم.
أما عن قطاعات الزراعة والصناعة فقد تلاشت بسبب عدم دعمها وتمويلها، كما أنه أصبح الإستيراد أقل كلفة من الإنتاج المحلي، عندما تم تثبيت الليرة في 1997على سعر مبالغ فيه بالنسبة لقيمتها الحقيقية ،أي 1507.5 للدولار، مما أوهم الناس بقوة الليرة، وتم تفضيل الإستيراد على الناتج المحلي.
جميع الحكومات اللبنانية المتعاقبة من التسعينات، إتبعت هذا النهج. حيث تركز الإهتمام على قطاع الخدمات (العقارات والبنوك والسياحة) الذي شكل حوالي 79% من الناتج المحلي في 2019. انتشرت دعايات المصارف الاعلانية في كل مكان، في الشوارع، في المدن، حتى دخلوا إلى كل منزل عبر شاشات التلفزة، وكل ذلك لإقناع الناس بنجاح هذا القطاع وجذبهم إليه. ولكن كل هذا اختفى وانفجر كفقاعة وهم أمام أول أزمة مالية.
وبالنهاية، ونتيجة كل هذه التراكمات والسياسات النقدية والمالية، تحول الإقتصاد اللبناني إلى إقتصاد غير منتج يستورد ولا يصدر، ومبني على النظام الريعي.
الأكثر قراءة
- أنطون سعادة وحزبه بعد 75 عاماً فريق منصة نقِد
- مطار “الحزب” الجديد على أراضي الرهبنة: قضم أراضي الأوقاف المارونية فريق منصة نقِد
- “مات شعبي على الصليب”: 108 سنوات على مجزرة kafno و sayfo فريق منصة نقِد
- قصة “السلطان جبران” الذي أصبح مليارديراً خلدون جابر