لبنان يصرخ: أي أمٍ هذه؟

مارس 23, 2023

A-

A+

لطالما تغنى اللبنانيون بفرنسا، وأشادوا بانها الأم الحنون، الأم التي وضعت وواكبت وساندت لبنان، ساندته في العديد من المحن. ففي الزمن القريب، كانت الداعم الأول له عبر مؤتمرات باريس للدعم النقدي والإقتصادي ومؤتمر سيدر وغيرها من المواقف السابقة.

بإختصار لطالما كان لدى فرنسا الرغبة والنية في التدخل بشؤون لبنان الداخلية، عبر دعم بعض المواقف والوساطة في بعض الأزمات الداخلية سياسية كانت أم إقتصادية.

لكن اليوم الوضع تبدل واصبحت الام الحنون تتغاضى عما يريده شعب لبنان، لترسم بيدها خطط مساره محاولةً تطبيقها. ففرنسا اليوم لديها إسم مرشح للرئاسة اللبنانية وإسم مرشح لرئاسة الحكومة، تحملهم وتطوف بهم في المجالس الدولية والإقليمية دون العودة لإرادة أكثر من نصف الشعب اللبناني.

فرنسا اليوم لا تحمل في جعبتها أي تقديمات أو وساطة مناسبة للوضع اللبناني بل حلول في “الفلا البعيد” ومحاولات لا تمت للواقع اللبناني بصلة، وكأنها غافلة عن وضع إبنها وإحتياجاته.

لا تسطيع الدولة الفرنسية بسياساتها الخارجية الحالية تقديم شيء للبنان، لا عبر فرض واقع أو رأي على فريق سياسي لبنان أو الضغط عليه بإتجاه تسيير حلحلة للأزمة السياسية وإنتخاب الرئيس، فهي لا تملك أي ورقة ضغط على حزب الله المعطل الأول للوضع اللبناني، بل تحاول مجاراته ومسايرته مع أنها على يقين عدم جدوى فعالية هكذا خطوة. وأيضًا لا تملك أي تقديمات مقابلة لإيران بهدف السعي لتليين مواقف “الحزب” في الوضع اللبناني، فلا مصلحة مباشرة لإيران مع فرنسا يمكنها الإستفادة من خلالها في الوقت الراهن.

وفي حال تمسكها بسليمان فرنجية كمرشح للرئاسة، لا تضمن فرنسا للسعودية مرشحًا من صلب محور الممانعة، فالرفض السعودي التام لهذه الشخصية يقف عائقًا أمام فرضه، وبالتالي هذا ينم عن ضعف للموقف الفرنسي في المفاوضات بين الدول التي تسعى لحلحلة في الملف اللبناني.

أما على الصعيد النقدي والإقتصادي، لا تَوَقّع بدعم مالي مباشر من فرنسا، ولا يلوح في الافق أي خطوة من أجل تسيير دعم لا منها ولا من أي من الدول التي سبق وشاركت في مؤتمرات الدعم المالي تحت رعايتها، بظل عدم تطبيق أي اصلاحات مطلوبة.

بإختصار النية لا تكفي لحلحلة أزمة لبنان الحالية، وواقع السياسة الخارجية الفرنسية يظهر بعم،ق الضعف الذي يعاني منه حاليًا، وقلة قدرة تأثيره الدولي والإقليمي، ولو بحجم أزمة لبنان التي تعد صغيرة بالنسبة لأزمات المنطقة.