مع سلطة نزيهة… لبنان يتفّوق على إسرائيل بكل شيء
مايو 18, 2023
A-
A+
لا شك أن هناك إجماع بين جميع المكونات اللبنانية على ضرورة الوقاية من إسرائيل ومقاومتها. فبين من يرى أهمية توحيد خطة عربية تحيط إسرائيل و تحاصرها إقتصاديًا و تجاريًا، ومن يرى أهمية تكثيف ضربات و صواريخ “المقاومة” و الفصائل الفلسطينية التي في كل مرة تحبطها القبة الحديدية في معظم الأوقات. على اللبنانيين معرفة ثغرة لا يسلّط عليها الضوء كافةً بأن إسرائيل ليست في أوّج و أفضل حال خصوصًا مع الشرخ الداخلي بين المؤيدين لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو واليمين المتطرف ومعارضيه، وفي الوقت نفسه لا قدرة للبنان ولا لإسرائيل الدخول في صراعاتٍ وحروب تنهك إقتصادهما خصوصًا في ظل الركود الاقتصادي العالمي.
لكن ما يغفله اللبنانيون إن دولتهم بالسياسات المناسبة يمكنها أن تتسابق مع إسرائيل تجاريًا، خدماتيًا و سياحيًا، فبالرغم من العوائق الجغرافية و المناخية إلا أن إسرائل اليوم هي عاصمة التكنولوجيا والتقدم في هذا الشرق بينما إنتزعت هذه الصفة من لبنان نتيجة السياسات الفاشلة والفساد المستشري والتوظيفات العشوائية البعيدة كل البعد عن الكفاءات، إلا أنه لا يزال بإستطاعة لبنان العودة بأبهى صوره إن عادت الإصلاحات والتغييرات الجذرية على السكة الصحيحة.
ببنما يلتهي “المقاومون ” بالصواريخ الشبيهة بالمفرقعات من حيث الجودة و فعالية التأثير على العدو، تغفل عن رؤوسهم نقطة أساسية وهي أن لبنان على عكس إسرائيل لا يعتبر كيانًا محتلًا مما يساعده بعلاقاته الدولية مع كافة البلدان و يؤثر إيجابًا على صورته الديبلوماسية. فعوضًا عن تمثيله كبؤرةٍ للفساد و الميليشيات والتفلت الأمني تكمن الخطوة الأولى في تبديل هذه الصورة.
بالرغم من التطور في البنى التحتية و التقدم الملحوظ من حيث تطوير المستعمرات و المدن المحتلة منذ نشأة إسرائيل عام ١٩٤٨، إلا أن الصحراء القاحلة لا تزال تشكل النسبة الأكبر من المساحة الجغرافية في إسرائيل بينما يتمتع لبنان في معظم أراضيه بغابات و جبال مكسية بالأشجار والمناخ المعتدل، كما يتمتع لبنان بمعالم سياحية و أثرية أجمل و أعرق و هي من أولى و أهم النقاط المؤثرة على قطاع السياحة و الخدمات.
لا تقتصر التفوقات على السياحية فقط إنما يتمتع لبنان بتواجد جغرافي يسبق إسرائيل وبلدان البحر المتوسط كافةً، تواجد تاريخي وزمني وثقافي. فلو كان للبنان سياسات على المستوى المرموق لكان لبنان اليوم أهم موقعٍ إستراتجي للتجارة، إذ أن مرفأ بيروت أهم بكثير من مرفأ حيفا الإسرائيلي من حيث التواجد الجغرافي و هذا ما اتضح في العام ٢٠٢٠، حيث تهافتت الدول والشركات العالمية للإستثمار بالمرفأ وإدارته، بعد تفجير المرفأ، لنسبة أهميته في هذه المنطقة و قدرته على إستقطاب التجارة.
هذا من النقطتين التجارية والخدماتية، ولا يمكن أن ننسى تفوق الشباب اللبناني بمجالات التكنولوجيا والدراسات والشركات الناشئة، حيث قبل الأزمة اللبنانية، غزا اللبنانيون العالم العربي بالشركات الناشئة في مجالات عدة وباتت اليوم رائدة عالمياً.
للبنان تفوقات كبيرة على إسرائيل إنما ما يجعل إسرائيل دولة قوية هو تهافت السياسيين لتعزيز و تمتين كيان إسرائيل لضمان إستقراره في منطقة تحاصرها الأخصام من حدودها كلها بينما ينغمر سياسيو لبنان بتحسين أحوالهم الخاصة، بالإضافة إلى ذلك، إستطاعت إسرائيل قمع جميع أوجه السلاح تحت جناح جيشها. فبالرغم من كثرة الميليشيات التي حافظت على وجود إسرائيل في أولى مراحلها إلا أن السلطة قد إستطاعت أن تبسط سلطة سلاح واحدة و رسمية تحمي حدودها وسيادتها على عكس لبنان الذي ينقسم فيه دور السلاح على جيش الدولة وميليشيا الدولية التي تؤثر سلبًا على صورة لبنان الدبلوماسية والأمن الذين بدورهما يؤثران على الإستثمارات في لبنان.
من هنا نستنتج أن عائق لبنان و عدوه الأول وما يمنعه من التفوق على إسرائيل و مقاومتها هو نفسه من يدعي مقاومتها، فمتى سيجلس جانبًا حزب لله ليدع اللبنانيين كافةً من مقاومة إسرائيل فعلاً؟
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي