هل تنقل اسرائيل الحرب من غزة الى الشمال؟

يناير 9, 2024

A-

A+

يبدو أنّ المشهد يميل يومًا بعد يوم إلى التّأكيد على أنّ إسرائيل ترغب في فتح جبهة الشّمال، فهي توجّه ضربة تلو الأخرى لحزب الله أكان في جنوب لبنان أو في ضاحية بيروت الجنوبيّة، معقل الحزب. نقل موقع “واللا” الإسرائيلي، في الأيام الماضية، عن ضبّاط إسرائيليّين كبار، دعواتهم لتحويل القتال ضد حزب الله على الحدود اللبنانية “من الدفاع إلى الهجوم”. فهل تنقل إسرائيل الحرب من غزة إلى الشّمال؟

تفاخر الأمين العام للحزب في إطلالاته الأخيرة يوم الجمعة بأنّ جبهة المساندة الّتي فُتحت في جنوب لبنان حشدت مئة ألف جنديّ إسرائيليّ وألهتهم عن الحرب في غزّة. كما أنّها هجّرت عشرات آلاف المدنيّين الإسرائيليّين من المناطق القريبة للحدود، وعدّد الإنجازات الّتي حقّقتها صواريخه وعمليّاته العسكريّة. فهل هذه الأحداث أتت نتيجة الإنتصارات الإلهيّة والمعتادة للحزب؟ أم أنّها ربّما تحضيرات إسرائيليّة لحرب لا يرغب بها أحد غير إسرائيل نفسها؟

تؤكّد إسرائيل أنّها لا تكتفي في مُجاراة المسرحيّة القائمة على حدودها الشّماليّة، ويبدو أنّها الوحيدة المتحمّسة للتّصعيد في هذه الجبهة في ظلّ سعي الحزب للحفاظ على قواعد الإشتباك وإرسال الرّسائل للأميركيّين والإسرائيليّين بهذا الصّدد. وكان الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبيّ للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية جوزيب بوريل قد وجّه الرّسائل إلى المسؤولين اللّبنانيّين خلال زيارته الأخيرة حول المخاطر الحقيقيّة الّتي يواجهها لبنان، وذلك في ظلّ التّصعيد الإسرائيليّ اليوم مع إغتيال المسؤول العسكري الكبير في حزب الله “وسام الطّويل”، وإغتيال العاروري الأسبوع الماضي، ولا ننسى مقتل نجل الحاج محمّد رعد، رئيس كتلة حزب الله البرلمانيّة نتيجة غارة إسرائيليّة في تشرين الثاني. كما أنّ القصف الإسرائيليّ الّذي وصل إلى صيدا مؤخّرًا يُثبت أنّ إسرائيل تحاول كسر قواعد الإشتباك وجرّ الحزب إلى مكان متقدّم من المواجهات.

كلّ ذلك يحصل تزامنًا مع دخول الحرب الإسرائيليّة على غزّة شهرها الرّابع من دون تحقيق الأهداف المرجوّة والمعلنة وتخوّف رئيس الوزراء الإسرائيليّ نتانياهو من الوصول إلى حائط مسدود لا يمكن خرقه إلّا بإنتصار ينتظره الإسرائيليّون منذ السابع من تشرين الأوّل الفائت. كل هذه المخاوف قد تدفع نتانياهو إلى تصعيد الصّراع ومحاولة إقحام الولايات المتّحدة فيه في حين تسعى الأخيرة إلى عدم الإنجرار في هذه الحرب بكلّ وسائل الرّدع والسّبل الديبلوماسيّة الّتي تمتلكها. وتُظهر سلوكيّات الحزب أنّه يوافق الأميركيّين في هذا المسعى حيث يعمل للحفاظ على سقف للمواجهات الدّائرة في الجنوب، وينادي أمينه العام الأميركيّين منذ تشرين الماضي لردع إسرائيل عبر تحميل الولايات المتّحدة مسؤوليّة ما يحصل في غزّة وجنوب لبنان.

تحاول الدبلوماسيّة الأميركيّة جاهدةً ردع الأطراف كافة، وبدأ الحديث عن تهيئة الأجواء للتّفاوض بغية الوصول إلى تطبيق القرار 1701، وكان نصرالله قد تحدّث في خطابه الأخير يوم الجمعة عن فرصة تاريخيّة لإسترجاع الأراضي المحتلّة. لكنّ هذه الأجواء قد تتبدّد في أيّة لحظة، ففي حين يعي الحزب حجمه جيّدًا، تبقى المهمّة الأميركيّة صعبة إلى جانب المغامرات الإسرائيليّة الأخيرة.

من المؤكّد أنّنا وصلنا اليوم إلى تصعيد حادّ وغير مسبوق على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وإرتفعت إحتمالات إندلاع حرب شاملة لا يتحمّلها لبنان، إلّا أنّ إسرائيل وحدها قد لا تتحمّل تبعات هذه الحرب أيضًا ما لم تدعمها حليفتها الولايات المتحدة بشكل مباشر، وذلك لأنّ القيادة الإسرائيليّة تبحث عن مخرج لا عن مستنقع جديد كالّذي دخلته في غزّة.