


السقوط – لونا الشبل نموذجًا
يوليو 8, 2024
A-
A+
لم تكن لونا الشبل تحتاج إلى أكثر من مهاراتها الإعلامية لتحقيق النجاح، فقد كانت تمتلك كل ما يؤهلها لتكون نجمة في عالم التلفزيون. لكنها اختارت طريقًا مختلفًا، طريقًا ملتويا، قادها لتصبح جزءًا من آلة الموت في نظام دمشق.
في الحياة، تمر بنا لحظات حاسمة تتطلب اتخاذ قرارات مصيرية. لونا اختارت أن تكون جزءًا من نظام استبدادي، نظام جعل من العنف وسيلة لبقائه. هذا القرار لم يكن مجرد خطأ عابر، بل كان تحولاً جذريًا في شخصيتها ومسارها المهني، حيث اختارت بوعي أن تكون جزءًا من آلة قتل جماعية.
كيف يمكن لشخصية إعلامية بارزة أن تتحول إلى ترس في آلة القمع؟
الإجابة قد تكمن في البحث عن الملاذ الآمن في أروقة السلطة الفاسدة، حيث وجدت لونا الشبل نفسها محاطة بأشخاص يقتاتون على الفساد والعنف. هذا الانغماس في الفساد لم يكن مجرد انحراف مهني، بل كان اختيارًا شخصيًا ينم عن استعداد للتخلي عن القيم الإنسانية.
لقد نشأت لونا في بيئة متوسطة وتلقت تعليمًا جيدًا، مما جعل مظهرها الناعم وأسلوبها الإعلامي القوي يبدو متناقضًا مع الدور القمعي الذي اختارته. عملها في “الجزيرة” كان يعكس صورة إعلامية تدافع عن القضايا العادلة، لكن في واقع الأمر، كانت تخفي وراء ذلك رغبة في السلطة والنفوذ.
لم يكن دورها في نظام دمشق مجرد وظيفة، بل كان التزامًا بتبرير الجرائم والترويج للأكاذيب. لعبت لونا دورًا رئيسيًا في بناء صورة مزيفة للنظام، محاولة تشويه صورة الشعب السوري وإلصاق تهم الإرهاب به. لم تكن مخدوعة بالشعارات، بل كانت جزءًا من صناعة الخديعة.
النساء ليسوا دائمًا ضحايا للعنف، فقد يكن في بعض الأحيان جزءًا من آلة القمع. لونا الشبل كانت مثالاً صارخًا لهذا، حيث استخدمت منصبها لتبرير الجرائم وإخفاء الحقائق. كان يمكنها التراجع عن هذا المسار، لكنها اختارت الاستمرار فيه بوعي كامل.
موت لونا الشبل لم يكن مفاجئًا في سياق الصراعات الداخلية للنظام. علاقاتها مع الأطراف الخارجية جعلتها ضحية للصراعات الإقليمية بين القوى الكبرى في المنطقة. النظام الذي خدمته لم يكترث لرحيلها، وأسرتها تبرأت منها، لتدفن في مكان مجهول بعيدًا عن مقابر العائلة.
بناء على ذلك يعكس رحيل لونا الشبل النهاية الحتمية لمن يختارون طريق الفساد والقمع. قصتها يجب أن تكون عبرة لكل من يظن أن الطريق إلى السلطة يمكن أن يبرر التخلي عن المبادئ الإنسانية. في النهاية، السقوط في مستنقع الفساد لا يجلب سوى العار والنسيان.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي