من الهند إلى إيران… نضال وحرية ابعد من حجاب

أكتوبر 3, 2022

A-

A+

المرأة، حديث المجتمعات البشرية على مرّ العصور، وصولاً لأيامنا هذه. والاضطهاد المنكبّ على هذه المرأة منذ وجودها، بات اليوم يهدد سلامة المجتمع بكلّ أطيافه، وأفراده، وعناصره.

لم نكد ننتهي من معضلة حظر الحجاب في الأماكن العامّة في الهند، حتّى ظهرت لنا السلطات الإيرانيّة بدورها، لتمارس الاضطهاد الهندي ذاته ولكن بصورةٍ مختلفة، وأكثر دمويّة، فإيران كعادتها، وانطلاقاً من تاريخها السياسيّ والديني، لا بدّ لها من أن تصبغ كلّ ما يقع تحت يديها بالدّم، فالدّم نهج هذه السلطة، وجوهر كلّ تحرّكاتها.

مهسا أميني (جينا أميني) ضحيّة شرطة الأخلاق الإيرانيّة، المفتقرة لأدنى مظاهر الأخلاق، باتت رمز الثورة في إيران والعالم، وأصبحت كما العديدات ممّن سبقوها، بطلةً في عالم النّضال الأنثوي والنّسوي. مهسا كانت تضع الحجاب، ولكنّ الطريقة كانت غير لائقة بنظر الشرطة، فكان مصيرها الموت!

لكنّ السؤال الأكثر وحشيّة، من أنتم حتّى تفرضوا على مهسا الحجاب؟ ومن أنتم حتّى تقيّدوها بطريقة ارتدائه؟ ثمّ من أنتم حتّى تقتلوها؟ ما الفرق بين الذي يفرض الحجاب ويعاقب على نزعه، ومن يمنع الحجاب ويعاقب على وضعه؟ أليس التطرّف مرضاً في كلا الحالتين؟

وكما تسعى الهند لمحاربة التطرّف الديني عن طريق منع الحجاب وتقييد الممارسات الدينيّة للمؤمنين على أراضيها والذين يحملون الجنسيات الهندية في كلّ الحالات والذين تبلغ أعدادهم عشرات الملايين، عليها أيضاً أن تتخلّص من التطرّف القابع في أعماق المسؤولين الهندوسيين والبوذيين لديها، لتسمح للآخرين بالعيش بحريّة كاملة وهذا أهمّ حقّ يمتلكونه، فمن يسمح للمواطن بخلع ثيابه، أو بارتداء السّاري الهندي عند النّساء والوشاح البرتقالي للرجال ويدقّ أجراس المعابد ويستحمّ في الأنهار كنوع من الطقوس الدينيّة، عليه أن يسمح للمواطن الآخر بارتداء ثيابه بالطريقة التي يريدها.

 ومن يسمح بالقبعة والوشاح على الرأس، عليه أن يسمح بالحجاب أيضاً.

ولإيران نقول، مهما كتبنا وأطلقنا أحرفنا عبثاً في الهواء، وفي الطرقات والمواقع، ومهما قدمنا البراهين والأدلة، لن نستطيع أن نصف لكم مدى العار والقرف الذي يراود سكّان العالم عندما يتذكرون جرائمكم في البلدان العربيّة، وسوء معاملاتكم لمواطنيكم، وكيف أنكم تحرمون مواطنوكم أدنى حقوقهم، لتمولوا المنظمات الإرهابيّة في الخارج.

وكما من غير المسموح للمدرسة أن تنزع حجاب الطالبة المحجبة، ممنوع عليها أيضاً أن تفرض الحجاب على غير المحجبة، لأنّ العديد من المسلمين يعتبرون الحجاب فريضة لا خيار، ومن الواجبات الدينيّة الجوهرية لدى هذه الفئة.

وللشعب الإيراني نقول، عشتم أحراراً، مناضلين، في جحيم أسوأ السلطات وأكثرها دمويّة، قدموا النّور في وجه شياطين الظلام، واصرخوا بالحقّ في كلّ الأزقّة، واطردوا خفافيش الدم من بيوتكم، لتحيوا بسلامٍ وكرامةٍ وحريّة، فالخفّاش لن يحيا بالضوء، والشيطان لن يقوى على نور أرواحكم.

عاش الشعب المناضل، عاش كلّ الأحرار.