


قال لهم “مكمّل معكم”… أين هو ميشال عون؟
يناير 17, 2023
A-
A+
إن رأس السنة واحتفالاتها وفرحتها هذا العام حلّت على اللبنانيين قبل موعدها، إذ أن في 31 تشرين الأول دخل لبنان حقبة جديدة، حقبة نهاية رئاسة ميشال عون. ومثل ما إستقبل عون في العام 2005 بالآلاف، المؤمنين بمحاربته للفساد والمتأملين “بحلم” ميشال عون و”قداسته” لدى بعض جمهوره، قلّة ما تبقى منهم واكبوا نهاية العهد، فيما ملايين اللبنانيين رحّبوا لمغادرته من القصر بالتصفيق، الإحتفالات والمفرقعات.
في 31 تشرين إحتفل اللبنانيون بالفراغ والشغور، معتبرين أن معادلة الشغور أفضل بكثير من معادلة الصفقات، ومعاداة حاكم مصرف لبنان بالعلن والتنسيق معه بالباطن، والإنبطاح لحزب لله، وخدمة ولاية الفقيه، وتفجير مرفأ بيروت.
في 31 توعّد عون في خطابه الوداعي، بالعودة إلى الرابية لمحاربة الفاسدين وإمتلاكه القدرة على كشفهم ومحاسبتهم، فنسأل هنا “هل أعلى منصب في هرمية الدولة لم يكن كافيًا ليحارب عون الفساد من خلاله، وهل كرسي بعبدا العجائبي غير كافٍ للإطاحة بالفاسدين الذي توعّد الجنرال لمدة عقود بمحاربتهم؟”.
“عون راجع” لمتابعة الشؤون السياسية من الرابية كانت محطة لسان لدى جميع مشجعي التيار البرتقالي. لكن اليوم، وبعد مرور شهرين على نهاية رئاسته، خفتت وتيرة هذه الجملة. لم نرَ عون إلا في محطتين، الاولى خلال تجوله في البترون و إشرافه على إنجازات صهره فيها لضمان محبة أهل المدينة للصهر المدلل، وبذلك ضمان إستمراريته البرلمانية. وفي تصريح له من المحطة البرتقالية الذي لم يلاقِ أي صدى، إذ أن اللبنانيين لم يشهدوا أي تدخلات للجنرال بعد ٣ أشهر من إنتهاء عهده لا في السياسات الداخلية ولا الإقليمية للبلد، ولا حتى في شؤون التيار الوطني الداخلية.
الجدير بالذكر، في الفترة الأخيرة، يشهد التيار الوطني الحر مشاكل وشروخات داخلية من سياسات باسيل المفصلة على عبائته الشخصية فقط من دون المنفعة العامة لحزبه.
إن هذا التخبط بين جمهور التيار والتصادم بكلمات عون لم تكن المرة الأولى، فلا أحد ينسى الإدلاء الشهير للجنرال في 13 من تشرين عام 1990 و مقولته الشهيرة “أنا القبطان، أنا آخر شخص يترك لبنان، أنا مصمم أن أدفن هنا”، وبعد ساعات من هذا الخطاب المفعم بالوطنية “تملي” السفارة الفرنسية عليه بالبقاء تحت حمايتها ويسلم الجنرال إمرة الجيش لإميل لحود منعًا لسفك دماء عون فقط، متناسيًا عشرات الجنود في قصر الشعب.
وبعد سنوات في المنفى، حيث قاد الجنرال حملات ضدّ الفرس والتنبيه من خطر الغزو الفارسي، وبعد سنة بالتحديد من عودته إلى لبنان، نراه قد أبرم إتفاق مار مخايل الشهير الذي تبرّأ منه القديس ميخائيل نفسه من شدّة شيطنته. وبهذا الإتفاق سلم عون لبنان لمشروع ولاية الفقيه وسهّل الغزو الفارسي في البلاد.
من بين التناقضات أيضاً مشكلة “حصة الرئيس”، فميشال عون كان من أشد المعارضين لحصة الرئيس من الحقائب الوزارية في ولاية الرئيس ميشال سليمان، و سرعان ما رأيناه يجاهر بأهمية الحصة نفسها في الحكومة عندما وطأت قدماه قصر بعبدا، وذلك لتأمين هيمنة خليفته باسيل وتياره على البلد والذي لم يستطع من خلاله “محاربة الفساد” بأكثرية نيابية ساحقة، 11 وزيرًا من لونه الخاص من دون حلفائه، وسلطة قضائية شبه تابعة للتيار.
جملة “عون راجع” قد أعطت أمالاً للبعض بقلب موازين القوى السياسية في لبنان، لكن من الظاهر إن كل الكلام بعودة عون للحياة السياسية كانت مثل خططه لمحاربة الفساد و إنجازاته، وعود فارغة وأحداث وهمية.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي