تنتهي الحرب ويتصافح الرؤساء: الشعوب وحدها تدفع الثمن

أبريل 24, 2023

A-

A+

يشهد الواقع السياسي في منطقة الخليج العربي وشرقي البحر المتوسط تغيرًا ملحوظاً في التقارب الدبلوماسي والعلاقات الدولية، بدأت بإعلان الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وإكتملت بإتفاق سعودي يمني على وقف الإقتتال على حدود البلدين، وتبعها العودة السورية إلى المشهد الإقليمي مع إستعادتها العلاقات الثنائية مع العديد من الدول العربية.

في واقع العلاقات الدولية، تطغى المصالح على أي إعتبار، هذا المبدأ غيّر فجأة واقع الستاتيكو السياسي الإقليمي، خصوصًا في النزاع السعودي الخليجي – الإيراني، وتبعاته على اليمن وسوريا ولبنان. خلاف إشتدَّ على مدى أكثر من 15 عامًا أدخل بلاد عديدة في دوامة صراعات لم يعرف لها نهاية.

وفي ليلة وضحاها، قام تفاهم سعودي – إيراني وضع العالم العربي في حيرة وترقب عمّا سيترتب عنه، ولكن سرعان ما بانت النتائج أولها في اليمن وثانيها في سوريا، أما ثالثها فلم يتضح بعد، لكنه ليس ببعيد عن تسوية أوضاع لبنان.

قبل عشر سنوات دعت الجامعة العربية والسعودية الأسد لوقف أعمال العنف والإفراج عن المعتقلين وإخلاء السلاح وغيرها بمسعى لإضعاف الأسد وإخراجه من المعادلة السورية، لكن بضغط ودعم كبير من حلفاءه إيران وروسيا إستمر النظام وبقي الأسد، ومات آلاف من الضحايا تحت وطأة القصف والمجازر والتعذيب والتنكيل.

وإزاء التحول الإقليمي الجديد، حوّل العرب كلامَهم ودعوا إلى “حل سياسي” في سوريا، وحلٍ لأزمتها الإنسانية، والحفاظ على “سيادة سوريا” عن طريق مؤسسات الدولة، وعلى وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، وعودة اللاجئين والنازحين، ومكافحة تهريب المخدّرات والاتجار بها، وإنهاء وجود المليشيات المسلحة، والتدخلات الخارجية. تبع هذا الكلام زيارات دبلوماسية عربية لنظام الأسد كان أهمها زيارة وزير الخارجية السعودية حاملًا دعوة لزيارة المملكة.

بدا جليًا أن السعودية تبرّد الجبهات مع محور الممانعة، تتناسى الضحايا والمهجرين والنازحين، والجرائم التي إقترفت والأزمات التي فتكت بالشعب السوري على مدى 12 سنة من حرب إستنزفت بلاد حتى الموت.

كل هذا حفاظًا على مصالحها، تمهيدًا وتسهيلًا لمشروعها الإقتصادي التنموي المستقبلي، تأمينًا لأمنها وسلامتها وتأسيسًا لمنطقة جاذبة للإستثمار المالي.

المصالح تعلو على كل شيء، تعلو على الضحايا والناس التي ذاقت مر الموت والعذاب والتهجير، فتنتهي النزاعات ويتصافح الرؤساء وتستمر العلاقات وكأن شيئًا لم يكن.

هذا ما لا ينذر بالخير، خصوصًا للبنان وأزمته السياسية، فهو أيضًا ينتظر دوره من التغيّر الجديد، فاللبنانيين يقاربون التطورات الجديدة بحذر وبترقب شديد لما ستفرزه المرحلة المقبلة، على أمل ألا يكونوا ضحية جديدة للعبة المصالح.